انت الذي لو تشترى ساعة منه بدهر لم تكن غالية
 
غازل ابن زيدون، حبيبته "ولّادة" ببيت شعر، من نظمه المعسول، إنطوى على معاني تحت ظل الصياغة النصية، التي جاء فيها:
                  "انت الذي لو تشترى ساعة
                                           منه بدهر لم تكن غالية"
قبل سبر اغوار المعاني، نتناول المحيط الاجتماعي، الذي يتمركز حول هذا البيت، والذي يتلخص بكون "ولّادة" إخت الخليفة، في الاندلس، وإذا ما انكشف سر هذا الحب المتبادل، من تحت الى فوق، فلسوف يمحق الخليفة ابن زيدون ويخسف الارض بقبيلته، حتى سابع ظهر!
بيت الشعرهذا، بحد ذاته، مجازفة، لكنها مجازفة "تسوة" فالحب أسمى انتحار، وأجمل تهلكة يلقي العاشق نفسه اليها.. ليس بالضرورة الحب الغريزي فاحش المجون، الذي ربط إخت الخليفة الى الشاعر، بـ "Relationship" جنسية متهتكة.
وهذا ما يجب ان نتعظ به، مقتدين، من حيث المغامرة، "حد قطع النفس" لأجل الوطن والمال والعرض وافتداء من نحب والذود عن المقدسات الايمانية والاجتماعية؛ فحب الشاعر ابن زيدون، لـ "ولّادة" موعظة نقتديها، مستلهمين منها الولاء، وفاءً لتمظهرات أشكال الحب الأخرى، وهي تستعرض العائلة والوظيفة والاقرباء والاصدقاء والدين والوطن والمجتمع والانسانية.
هذا من حيث المحيط، المباشر، الذي يتمركز في منطقة الـ "Center" منه، بيت الشعر: "انت الذي لو تشترى ساعة.. منه بدهر لم تكن غالية" اما من حيث تحليل المضمون، فهو خطاب مباشر، موجه نحو شخصية محددة، تؤشر بـ "انت" مشفوعة برفع قيمتها، من حيث "الساعة" برفقتها تعني "دهرا" بكل ما يحمله الدهر من قيمة كبرى.
إذن اغلق ابن زيدون وجوده بساعة مع ولادة، لأن وجودنا هو الدهر بأبعاده الفيزيائية، التي تظل عدما لا يمكن تأشيره، ما لم يوجد مكان، يؤطر الزمن.
وكلاهما.. الزمان والمكان، يتداخلان بالناس الذين يعطون معنى لوجودنا في "الزمكان" كما يحلو لمنظري الفلسفة، ان يتفذلكوا.
إذن لخص ابن زيدون وجوده، بساعة مع ولادة حبيبته، وإذا ما تذوقنا جمال شعره، فعلينا ان نلتزمه، في اشتمالات حياتنا كلها، ونحول الذائقة الجمالية، الى منهج عمل واقعي نفيد منه في تنظيم شؤوننا