مع اقتراب الموعد النهائي لتشكيل الحكومة الجديدة الذي حددت لسقفه ثلاثون يوما، ابتداء من يوم تكليف حيدر العبادي بتأليفها؛ لاحظ العراقيون مساعي حثيثة للتقرب من الحراك الجديد تبذلها بعض الوجوه القديمة التي لم تقدم شيئا، وكانت احد العوامل الرئيسة، التي تسببت في انتكاسة الوضع العراقي وتصاعد الاحباط لدى العراقيين، وتخريب البلد وضياع امواله والتفريط بأراضيه.
وضمن هذا الاطار رأى الناس كيف اخذت وجوه كانت تتبوأ مناصب في اجهزة تنفيذية اثبتت فشلها واثارت الرأي العام ضدها، بالبروز الى وسائل الاعلام مرة اخرى، بعد ان تواروا مدة من الزمن؛ وهاهم يظهرون في الصور المرتبطة بمساعي العبادي لتشكيل حكومته، وطبعا لم يفت هؤلاء ان يتباروا في التصريحات التي هم ضليعون فيها.
لم يدرك هؤلاء ان العراقي قد سئم منهم واصبحت اسماؤهم تثير في نفسه مكامن الكآبة والالم وتوقع الاسوأ والاكثر سوءا. لقد اصبح بعضهم يحاول في الآونة الاخيرة اللعب على وتر مأساة النزوح والنازحين من المناطق التي فرط امثالهم بها، ووفروا بسياساتهم الفاشلة للقوى المتطرفة ومنها "داعش" الفرصة للاستحواذ عليها وتطبيق سياساتهم فيها.
بعض هؤلاء المسؤولين كانوا يمتلكون مراكز القرار والمال فلم ينجزوا شيئا ذا بال، حتى اكوام القمامة التي يفترض انهم مسؤولون عن جمعها واتلافها تركوها نهبا لعوامل الطقس وللجرذان تسرح وتمرح فيها، وبعد ان فشلوا وبعضهم لم يحصل على الاصوات التي تؤهله لدخول مجلس النواب باتوا يتحدثون الآن عن سعيهم لإنقاذ اللاجئين من محنتهم، ويتبارون في الادلاء بآرائهم بشأن التشكيلة الحكومية المقبلة، بل ان عددا منهم غدوا من دعاة التغيير واصلاح الامور!
وبغض النظر عن دوافع هؤلاء لتحركهم الجديد القديم، وبصرف النظر عن دعاواهم، فان امرا واحدا سيفلحون في تحقيقه حتما، فيما لو تهيأ لهم ان ينجحوا في مساعيهم ويركبوا الموجة كرة اخرى بصفة مستشارين او ما شاكل، وهذا الامر الذي سيكملونه يتمثل في اعادة انتاج الخراب والموت والهلاك؛ والنجاح في مواصلة الاستئثار بحصتهم من الاموال العراقية، التي تأتي عن طريق تصدير النفط، اضافة الى ادامة مسلسل الاخفاق في جميع مناحي الحياة الاخرى.
لقد استغلت تلك الوجوه التي تحاول ان تؤدي دورا جديدا انسجاما و رؤيتها لواقع الحال الجديد، غياب التحرك الفعلي للعراقيين للمطالبة بحقوقهم، وعدم اكتراث الاجيال الحالية منهم بتلك الحقوق، فلعبوا من جديد على وتر الدين والطائفة في محاولة لحرف الامور عن اتجاهها الانساني القويم وتسييرها بالاتجاه الذي تخدم فيه مصالحهم الشخصية؛ التي تؤمنها لهم عملية انتاج الازمة التي وضعوا انفسهم مسؤولين لإدارتها، اما محاولة العراقيين لفتح نفق في جدار حياتهم الموحشة، فقطعا سيضربون بها عرض الحائط وليذهب كل شيء بعدهم الى الجحيم؛ فقد امنوا اماكن لهم ولعائلاتهم من اموال الوطن المنهوبة وسيراكمونها من جديد عن طريق تسويق انفسهم مرة اخرى.
|