ما أن نسينا نكسة الخامس من حزيران؛التي انتكس بها العرب عام 1967، حتى باغتتنا نكسة العاشر منه عام2014، لتنكسَ العربَ المسلمين والمسيحيين وتنكسَ الأكراد والتركمان . نكسة ٌ الأمس ؛ أتتنا من عدوٍّ محتمل .. الصهيونية العالمية .. إسرائيل . أما نكستنا اليوم ؛ أتت ترتدي جلباب الخلفاء ، الذي تختبئ تحته أجساد بني أميّة والخوارج والوهابيين .. بالأنفس الحاقدة على انتصار رسول الله(ص) على آبائهم ببدر ... { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً (27) ـ سورة نوح (ع)} والحالة هذه ؛ .. فلعلهما ؛ نكسة واحدة ، تتجمَّعُ فيها نكستان !!! في الخامس من حزيران عام 1967 ؛ لم تنم (كولدامائير) ليلتها ، عندما دخلت جيوشها بيت المقدس ، وكانت تظن بأن الصباح سيطلع على جيش إسرائيلي محترق على أسوار القدس . في العاشر من حزيران عام 2014 اطمأن (أبو بكر البغدادي) على وجوده في نينوى التي تبددت فرقها الأربع كما يتبدد الضباب بين لهيب القيظ القائظ . وهذا يذكّرني بسقوط دولة بني الأحمر .. آخر ملوك غرناطة .. العرب المسلمين في الأندلس على أيدي الصليبيين ، عندما بكى ، وهو ينظر إلى سقوط عرشه المجيد ، فردَّتْ عليه أمّهُ : ((إبكِ مثلَ النساءِ..مُلْكَاً مُضَاعا لم تحافظ ْ عليهِ مثلَ الرجال ِ ! )) {((أبو عبد الله محمد الثاني عشر))(1460م ـ1527م) هو آخر ملوك الأندلس المسلمين الملقب بـ(الغالب بالله). وكان ملكاً على غرناطة من بني نصر أو بني الأحمر .. من ملوك الطوائف واستسلم لفرديناند وإيزابيلا يوم 2 يناير 1492. وسماه الإسبان el chico أي الصغير وBoabdil أبو عبديل، بينما سماه أهل غرناطة الزغابي أي المشؤم أو التعيس. وهو ابن أبو الحسن علي بن سعد ، الذي خلعه من الحكم وطرده من البلاد عام1483م ، وذلك لرفض الوالد دفع الجزية لفرناندو الثاني ملك أراغون كما كان يفعل ملوك غرناطة السابقين. حاول غزو قشتالة عاصمة فرناندو فهُزم وأسر في لوسينا عام 1483م ، ولم يفك أسره حتى وافق على أن تصبح مملكة غرناطة تابعة لفرناندو وإيزابيلا ملوك قشتالة وأراجون. الأعوام التالية قضاها في الاقتتال مع أبيه أبي الحسن علي بن سعد وعمه أبي عبد الله محمد الزغل. في عام 1489 استدعاه فرناندو وإيزابيلا لتسليم غرناطة، ولدى رفضه أقاما حصارا على المدينة. وأخيراً في2يناير1492م استسلمت المدينة. حسب الأسطورة أو الرواية الشعبية ؛ فالمكان الذي ألقى منه نظرته الأخيرة على غرناطة ما زال معروفاً باسم زفرة العربي الأخيرة (el ْltimo suspiro del Moro) ، وبكى فقالت له أمه ((عائشة الحرّة)) ذلك البيت من الشعر .}
يروى ؛ إنَّ الاستخبارات الصليبية أرسلت رجالها إلى الأندلس ، للتحري والتعرّف على طبيعة الشعب ، ومدى إيمانه وصموده بوجه الحملة الصليبية على الأندلس ؛ فالتقوا بشاب عربي مسلم يبكي ، سألوه : لماذا أنت تبكي يا فتى ؟! أجابهم : لقد فرّطتُ برمية سهم طائش ، خلال المعركة الأخيرة مع العدو، فكيف سألقى ربّي يوم القيامة ، وقد فرّطتُ بسهم من سلاح المسلمين!!!؟ عاد رجال المخابرات ، ونقلوا هذا الموقف السيسيولوجي إلى قادتهم الصليبيين ، فارتأت إدارة الحملة في أورُبا أن تبتكر أساليبَ جديدة ، لعلها تفضي إلى ما يخدم المخططات السياسية والعقائدية ، فراحت تنشر الغواني والعاهرات والخمور والفجور ، وأنفقت الكثير لأجل هذا . بعد خمسة عشر عام ؛ عاودت الحملة الصليبية إرسال رجال مخابراتها إلى الأندلس ، فرأوا شاباً عربياً مسلماً يبكي ، سألوه نفس السؤال : لماذا أنت تبكي يا فتى ؟! أجابهم : لقد أهدت لي صديقتي خاتماً ، فضاع مني وأنا أسبح في البحر ، فكيف سألقى حبيبتي ، وقد أضعتُ الخاتمَ الذي أهدتهُ إليَّ !!!؟ والحالة تلك ؛ .. يُقالُ ؛ إنَّ القوات الصليبية دخلت غرناطة ، فأسقطت آخر مملكة للعرب المسلمين بالأندلس ، وكان المواطنون ؛ بين مخمور ٍ أو في حضنه عاهرة . هذه السياسة التي تعتمدها الصهيونية العالمية (( نستطيعُ أنْ نحتلَ العالمَ بالكأس ِ والزانية)) .. وهي مما ورد في بروتوكولات حكماء بني صهيون لمحمد خليفة التونسي (رحمه الله). وبودي أن أقفز بين صفحات تاريخ العراق المعاصر ؛ وأستحضر المواقف البطولية التي أظهرها أهلنا بأم قصر في البصرة الفيحاء عام 2003 ، عندما نزلت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية . والمواقف الجهادية الكبرى لأجدادنا العظام ؛ عام 1914 .. وبعد إعلان دخول الدولة العثمانية إلى الحرب بجانب ألمانيا ، حيث نزلت قوة بريطانية في رأس الخليج ، وفي 22 تشرين الثاني دخلت هذه القوات البصرة ، وفي حملتها التي كانت تهدف إلى احتلال بغداد منّيت القوات البريطانية بهزيمة كبيرة في مدينة الكوت في نيسان 1916، ولكن فيما بعد ؛ تم إسناد الجيش البريطاني ، واستطاع الدخول إلى بغداد في 11 آذار 1917 وبقيت الموصل في أيدي العثمانيين إلى ما بعد توقيع معاهدة (مودرس) لنزع السلاح 30 تشرين الأول 1918، فاستمر جهاد أجدادنا ؛ حتى أعلنوا الثورة العراقية الكبرى في30حزيران1920. أقول ؛ إنَّ العراقيين الذين لم يكن لديهم إلا الفالة والمكوار ؛ قاوموا الاحتلال البريطاني ، منذ عام 1914 حتى عام 1920. وإنَّ العراقيين (المساكين) الذين كانوا مخدوعين بوطنية صدّام حسين ؛ قاوموا قوات التحالف في أم قصر أكثر من عشرين يوماً . فأين العراقيين من أهالي نينوى الحدباء .. بعربها .. بكردها .. بتركمانها .. بمسلميها .. بمسيحييها (ن).. بأيزيدييها .. بكاكائييها ؟!! لماذا لم يقاوموا الاحتلال الداعشي (د)؟!!! لماذا لم تقاوم الفرق العسكرية الأربع .. كل فرقة ثلاثة ألوية .. كل لواء ثلاثة أفواج .. كل فوج ثلاثة سرايا .. كل سرية ثلاثة فصائل .. كل فصيل ثلاثة حضائر .. كل حضيرة ثلاثة أرهاط !!!؟ (حسب معرفتي من الخدمة العسكرية) . ساعتان ؛ لا غير ساعتين ؛ وإذا بوكالات الأنباء العالمية تتناقل خبر احتلال (((نينوى))) !!! المحتلون ؛ أشخاص من مختلف الجنسيات .. عبروا الحدود العراقية من سوريا .. أسقطوا ((نينوى)) .. تجاوزوها إلى صلاح الدين .. بيجي .. سيطروا على مصافي النفط .. أسقطوا تكريت .. قتلوا طلبة الكلية الجوية في قاعدة سبايكر .. أسقطوا كركوك .. أسقطوا سنجار .. أسقطوا تلعفر .. سيطروا على منابع نفط .. سيطروا على سدود .. تغلغلوا حتى مشارف العاصمة ((( بغداد ))) ؛ هل حدث كل هذا التفوق (( دون أدلاء )).. مَنْ الذي يدلهم على المدن والطرقات .. مَنْ الذي يطلعهم على هويات المواطنين ؛ هذا عربي .. هذا كردي .. هذا مسيحي .. هذا مسلم .. شيعي .. سني .. هذا أيزيدي .. هذا لهم .. هذا عليهم !!!؟ ثم لماذا يتكرر تعطل عوامل المبادرة و المبادأة للجيش العراقي ، ولا تتعطل عوامل المسلحين بالتفوق العسكري ، وهم ليسوا (دولة) ؛ بل متسللين غير شرعيين وإرهابيين ؟!!! لماذا يتجلى التفاني وتتألق البطولات لدى متطوعي الحشد الشعبي ، بينما يتخاذل العسكريون في الجيش العراقي ؟!!! يقول أحد المتطوّعين، استنجدنا في صلاح الدين بضابط كبير في الجيش العراقي ، طلبنا منه سيارة (همر) .. حيث كان الموقف التعبوي لا يسمح بالتأخير ، وإذا به بعد الإلحاح والمناشدات ؛ يرسل لنا السيارة بعد مضي ((( ثلاث ساعات ))) ، علماً بأنَّ (داعش) قد اسقطت (نينوى) بساعتين !!! ألا نتوقع أن نبكيَ جميعاً ؛ كما بكى ((أبو عبد الله المشؤوم)) .. آخر ملوك غرناطة بالأندلس ؟! لكنْ ؛ والناسُ هذه المرّة ؛ منشغلين بالصراعات السياسية ، لا بالكؤوس والغواني ! والله من وراء القصد ؛؛؛
|