المطالب مصايب

 

مع بدء الاتصالات و اللقاءات وتشكيل لجان  التفاوض للدخول في مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة ،  احتفظت جميع الأطراف بمطالبها وبارتفاعات متبانية فهناك من جعلها بمستوى منارة  جامع سوق  الغزل ،  لغاية في نفسه ، تؤكد تمسكه بالدين والورع  لتحقيق المصالح الوطنية ، وسقف مطالب اخرى تجاوز عمارة البنك المركزي في اشارة الى توجهه نحو احداث نهضة اقتصادية ،  سقوف المطالب لا تخضع لحجم المقاعد في مجلس النواب ، ولا تحكمها قاعدة ثابتة ، لا دستورية ولا مرجعية دينية ، ولا قانونية ، والقضية تخضع للتوافقات بمعنى ادق الصفقات ، وتبادل المصالح والمنفعة واصرار الاطراف على مطالبها، يعني الحاجة الى سقف زمني  بقدر ارتفاع قمة جبال هملايا لتشكيل الحكومة الجديدة .
المطالب  كما يدعي اصحابها مشروعة ودستورية،  وتعبر عن المصالح الوطنية ، والمشكلة في العراق تتعلق بغياب مفهوم موحد لتلك المطالب، فهي تخضع لتأويلات وتفسيرات تنطلق في اغلب الاحيان من نظرة  طائفية ومذهبية ، وحتى داخل الائتلاف او التحالف  الواحد تكون ذات صبغة  كتلوية ، بحساب النقاط ، والحجم البرلماني واضيف اليه مؤخرا الاستحقاق الوطني اي ضمان تمثيل المكونات في حكومة العبادي المقبلة .
رئيس الوزراء المكلف  دعا الكتل النيابية لتقديم مرشحين  تكنوقراط  للكابينة الوزارية ،  واعلن  تقليص عدد الوزارات لتكون الحكومة رشيقة جذابة تسر الناظرين ، وعلى الرغم من التصريحات المعلنة  المؤيدة لرغبة العبادي ، الا ان واقع الحال ، وما يدور خلف الكواليس والغرف المغلقة يشير الى  تسابق محموم للظفر بهذه الوزارة وتلك ، ويبدو ان جميع  الكتل النيابية بلا استثناء ستدخل الى مفاوضات  تشكيل الحكومة بهيئة الرجل المحارب لخوض معركة الحصول على المناصب والمواقع ، وهم على معرفة تامة بان" دولة الخلافة " تهدد الجميع ، ولا يوجد متسع من الوقت لخوض مفاوضات ماراثونية طويلة ، والعراق يعيش اسوأ اوضاعه الامنية ومستقبله مجهول، ومن يراهن على جعل  مطالبه بمستوى ارتفاع منارة سوق الغزل ، وبناية البنك المركزي  وقمة اعلى جبل  سيكون سببا مباشرا في فشل  الانتقال الى مرحلة جديدة باركها قادة سياسيون ،  ودعوا الى تضافر الجهود لتصحيح اخطاء السنوات الماضية ، وفي مقدمتها تحسين الاوضاع الامنية ، والغاء كل مظاهر "الانحطاط " في الواقع العراقي ، على حد تعبير الاعلامي والشاعر علي عبد الامير عجام .
من التمسك  بسقف المطالب يبرز اكثر من علامة استفهام ،  عن جدية الكتل النيابية في انجاز المهمة في اقرب وقت وخلال المدة الدستورية الممنوحة للعبادي لتشكيل الحكومة ،وفي اجواء  غياب الثقة ، يوجد من يتقصد  التأخير ، ووضع العراقيل والعقبات ، لطرح  مشرح آخر ، ولاسيما ان  الحديث عن  المؤامرات اصبح سمة بارزة في "انحطاط المشهد العراقي" و ليس من  المستبعد اطلاقا ان تصدر تصريحات تتهم رئيس كتلة نيابية  ببيع وزارته، الى من يدفع اكثر  بالعملة الصعبة ، لإثبات صحة نظرية "أحميَد يا مصايب الله ".