السومريون يُذبَحوُن والسومرية تضحك

في لقاء متلفز طلبوا فيه من الفنان السوري (عابد فهد) أن يغني مقطعاً من إحدى أغانيه القديمة، فأجابهم بنبرة حزينة: بلدي يحترق وشعبي يموت، وتريدون مني أن أغني. هذا هو المستحيل بعينه، وينبغي أن تعتذروا مني ومن الشعب السوري. 
في الوقت الذي تتعالى فيه ضحكات قناة (السومرية) في حلقتها الأسبوعية الأخيرة لبرنامج (أكو فد واحد)، الذي يُبث الآن على الهواء مساء هذا اليوم الجمعة، في هذا الوقت بالذات تتعمق جراحنا وتتوسع فواجعنا، وتُعلن فيه الفضائيات الأجنبية عن حزنها وحدادها على مقتل الصحفي الأمريكي (جيمس فولي) على يد عصابات داعش، بينما تتهرب فضائياتنا العراقية من إعلان حزنها وحدادها على آلاف الأرواح الزكية، التي راحت ضحية العمليات الإرهابية البشعة. كانت آخرها جريمة المقدادية التي اُرتكبت هذا اليوم ضد جموع المصلين الأبرياء في مسجد مصعب بن عمير.
جمعت (السومرية) ثلة من العاملين في المجال الفني، من أمثال: كاظم مدلل، وحافظ لعيبي، ورؤى خالد، وتمارا، وباسم البغدادي، وسيد رضا في حلقة ساخرة من حلقات التهريج الرخيص، لإطلاق القهقهات والنكات المُعادة، في الوقت الذي تضيق فيه حلقات البطش والإرهاب حول أعناق أبنائنا وبناتنا في الموصل وتلعفر وأمرلي وديالى وسنجار.
شيء لا يصدقه العقلاء، ولا يقبله أصحاب الضمائر الحية، وأشياء أخرى تدفعنا إلى التساؤل عن الجهات التي تقف وراء هذه الفضائيات الغارقة في الضحك والسخرية، في الوقت الذي اتشحت فيه الفضائيات الغربية والعربية بالسواد حزناً وألماً وتضامناً مع قافلة الضحايا.
شاهدوا الفضائيات العربية المنصفة، وانظروا كيف ارتدى المذيعون والمذيعات لباس الحزن والسواد، وكيف توقفت تلك الفضائيات عن بث برامجها الترفيهية والمسلية احتراماً ومواساة لعوائل الشهداء والمنكوبين.
ترى هل تعلم السومرية بما يمر به أبناء سومر وآشور هذه الأيام ؟، وهل تدري بما حل بالبابليين والأكديين والكلدانيين والساميين والمندائيين من مصائب ونكبات ؟، وهل يظن القائمون عليها أنهم يسعدوننا ويفرحوننا بهذه الجلسات الفكاهية الساذجة ؟.
أمر مخجل حقاً أن تمعن فضائية عراقية بإطلاق نكاتها وضحكاتها على جثث شهدائنا الذين تبعثرت أشلائهم في الوديان وفوق سفوح الجبال، وتطلق نكاتها في الوقت الذي تُساق فيها بناتنا إلى المحرقة لتقديم آخر القرابين في مسرحيات الإبادة الجماعية؟. ثم لماذا لم تتدخل الجهات المعنية لمنع هذه المهازل التلفزيونية، ولماذا لم تطلق تحذيراتها ضد هذه الفضائيات الساخرة من آلامنا ؟.