مجددا قدم نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، مقترحه القديم القاضي بتقسم العراق الى مناطق فيدرالية، قائلا البلاد تحتاج الى نظام فدرالي فعال "كوسيلة لتجاوز الانقسامات في العراق"، مشيراً إلى أن "خطة من هذا النوع ستؤمن تقاسما عادلا للعائدات بين كل الأقاليم وتسمح بإقامة بنى أمنية متمركزة محليا مثل حرس وطني لحماية السكان، بالإضافة إلى حماية وحدة وسلامة أراضي العراق". بايدن اكد استعداد بلاده لتقديم المساعدة لاقامة ذلك النظام، داعياً إلى "تسوية جدية من قبل جميع الأطراف في العراق". نعم يبدو واضحا ان تقسيم البلاد الى عدة اقاليم سيحقق توازنا مهما في تقسيم السلطة وتوزيع الواردات، وسيعزز الثقة بين المكونات المتصارعة حاليا ويضمن عدم تقسيم البلاد ودخولها في صراعات دموية. المشكلة ان هذا القرار وتنفيذه على أرض الواقع يجب ان يكون عراقيا، وهو يحتاج الى تغيير الكثير من القناعات السائدة وسياسات فرض الارادات المسبقة من قبل كل الأطراف.. ويتطلب تفاهمات مسبقة على الخطوط العريضة ومفاوضات جريئة وتنازلات متبادلة وقاسية كي يتحقق على ارض الواقع. التحدي الكبير: هل يستطيع القادة العراقيون ان يكونوا بمستوى مثل هذا القرار، وهم يتبادلون الاتهامات ويخلقون الحجج والمشاكل امام تشكيل حكومة شراكة وطنية لن تقدم حلا نهائيا لمشاكل البلاد.. فكيف ببناء نظام جديد في العراق..؟!! متى يجلس قادة المكونات القومية والطائفية في البلاد، كرجال دولة ويتفقوا على اقامة اقاليم فيدرالية وتقسيم السلطة والمال بشكل يرضي الجميع، ليضمنوا مستقبلا افضل لشعوب هذه الأرض... عليهم ان يتفقوا على توزيع السلطة ومنح الاقاليم حقها في اتخاذ القرارات الداخلية التي تنظم امورها وحقها في الاحتفاظ بقوات محلية لحماية مناطقها. عليهم ان يتفقوا على تحديد حدود كل اقليم وفق حقائق مناطق انتشار المكونات والحقوق التاريخية، والتوصل لوضع قانوني في كركوك المختلطقة قوميا ودينيا ومذهبيا، حل يرضي الجميع ولا يكون مثار خلافات تهدد بدخول البلاد في دوامات حرب طويلة. نعم اعادة بناء نظام جديد لادارة البلد بما فيه توزيع السلطة والموارد ووضع حدود الاقاليم، أمر صعب ويحتاج الى نقاش طويل وجريء، لكن يجب ان يبدأ اليوم قبل الغد، ويجب ان يساهم المثقفون المعتدلون في الترويج له كل من جانبه من اجل مستقبل افضل مما نعيشه اليوم من صراعات وتهديدات ومذابح.
|