المالكي والنجيفي ... علاقة متشنجة تشوبها الكثير من العقد الشخصية |
بغداد – فيما تسير الأزمة السياسية بين نوري المالكي ومعارضيه الأكراد والعراقية والتيار الصدري، التي كادت أن تدخل البلاد في أتون الفوضى والحرب الأهلية، نحو الأنفراج والتوافق السياسي على حلها وفقا لمصالح أطراف الأزمة الخاصة، يطل على الشعب العراقي شبح أزمة سياسية جديدة لا تختلف كثيرا عن السابقة ولكن هذه المرة بين المالكي ورئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي. فقد شن المالكي هجوما عنيفا على مجلس النواب مؤكدا أن هناك اختطاف للبرلمان، وهناك سكوت على الكثير من المخالفات، متهما نوابا بالتورط بقضايا ارهابية وتزوير، مطالبا بإصلاح السلطة التشريعية. وقال المالكي في مؤتمر صحفي مشترك مع زعيم التحالف الوطني ابراهيم الجعفري ان "البرلمان يجب أن يأخذ دوره كأخطر سلطة في البلد، وهي السلطة التشريعية، وهناك مخالفات كبيرة فيه، هناك اختطاف للبرلمان، وهناك سكوت عن هذه المخالفات"، مشيرا الى أن "اننا نرفض الإملاء، ونرفض أن يدخل في مؤسساتنا الدستورية الشرعية وبالذات البرلمان". وتساءل "أين البرلمان من المخالفات التي تحصل كانتهاك الدستور في أكثر منطقة من العراق سواء أكان في موضوع النفط، أو موضوع الحدود، أو موضوع العلاقات الخارجية؟". وكشف عن ان "هناك نوابا في البرلمان عليهم قضايا تتعلق بالإرهاب، وتتعلق بالتزوير فلماذا لا ينتظم البرلمان، وينظف صفوفه من هؤلاء". وقال المالكي "يبدو أن البرلمان لا يستطيع أن يصحّح وضعه؛ لذا نقول أمامنا خياران لا ثالث لهما إما الحوار والانفتاح على كل المشاكل، أو إن القضية لا تتحمّل استمرار سلطة تشريعية مختطفة"، مبينا ان "علينا الذهاب باتجاه آخر إما تجميد وانتخابات مبكرة وإما أن تستمر هذه الحالة التعويقية والتعطيلية، ولا أعتقد أنها ستخدم المواطن والبلد ". وفي موضوع الاستجوابات قال المالكي "لدينا ما نستطيع أن نقوم به والطرف الآخر يمكن أن يتعرّض لها، لكن البلد سيدفع الثمن، فلا استجواب، ولا قضية سحب ثقة إلا حينما نصحّح وضع المؤسسة التشريعية". وتابع "من يُرد أن يقوم بمثل هذا العمل عليه أن يصحّح وضعه القانونيّ التشريعيّ، وأن يتصدّى للمخالفات الموجودة داخل البرلمان وفي داخل الكتل التي يتشكّل منها البرلمان؛ حتى يذهب لاستجواب أو طرح قضية أخرى من هذه القضايا". وتشهد العلاقة بين نوري المالكي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي الكثير من التوتر المتصاعد بعد وقوف النجيفي إلى جانب المطالبين بسحب الثقة البرلمانية عن المالكي والتعهد بتسهيل الترتيبات القانونية اللازمة لهذا الأمر. ويرى المحرر السياسي لـ "السفير نيوز" الإخباري أن العلاقة بين المالكي والنجيفي تحمل الكثير من العقد الشخصية أنعكست على طبيعة العلاقة بينهما وقرارهما السياسي، حتى أصبح البرلمان والحكومة نافذة لإسقاطاتهم الذاتية والتي بالتأكيد يتحملها الشعب العراقي الذي ما زال محروما من ابسط الحقوق والحريات والأمن. وأضاف أن النجيفي مصاب بعقدة تأكيد الذات ولعل أول ما قام به من فعالية وبأول جلسة هو خروجه من طور قائمته العراقية منصبا نفسه رئيسا للشرعية التي لا تمثل أحدا إلا النجيفي نفسه ويؤكد ذلك ممارساته اللاحقة والتي تعبر عن دكتاتورية علاقاته مع بقية الأعضاء ثم تفرده للقيام بجولات خليجية وعربية ودولية وإقليمية بدافع تأكيد الذات وليس من اجل مصلحة عليا للعراق حتى انه كان يترك الوفود الرسمية ويلتقط الصور مع كبار المسؤولين وبحضور أقاربه. ويتابع، فيما يحمل المالكي أيضا عقدا ولكن من نوع آخر لتأكيد الذات، منها عدم انسجام رأيه الشخصي مع النجيفي مما سيقود البلاد إلى الدمار. وتجسد هذا اللا انسجام في اختلافهما على مناصب نائب الرئيس وصراعاتهم المريرة حتى العظم التي تجسدت في الخلافات حول إدارة مدينة الموصل فالنجيفي يتمسك بأخيه اثيل الذي يتعاطف ويشجع المتظاهرين نكاية بالماكي وأيضا لاستمالة أطراف كثيرة لضمان مستقبله السياسي وحماية شقيقه وما يرتبط به من حاشيات لضمان الامتيازات للأسرة النجيفية على حساب الهوية العراقية. وأشار إلى انه زيادة على ذلك المناكفة الشديدة التي يمارسها النجيفي ضد المالكي في وقوفه إلى جانب رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني وزعيم القائمة العراقية اياد علاوي وزعيم التيار الصدري الذين أجتمعوا في اربيل والنجف الأشرف ومحافظة نينوى من أجل إسقاط المالكي من خلال سحب الثقة البرلمانية عنه. وبعد تعهد النجيفي على تسهيل عملية سحب الثقة عن المالكي أو إستجوابه في البرلمان أقدم المالكي على ممارسة العديد من الضغوط على النجيفي لثنيه عن هذه الخطوات منها التلويح بإقالة النجيفي بعد أثبات عدم أهليته في إدارة المنصب الحالي ورفع الحواجز الكونكريتية حول مبنى مجلس النواب لإضعاف الحاجز الأمني وتعريضه لمخاطر الإرهاب الموجه. وتوقع المحرر السياسي أن تشهد العلاقة بين المالكي والنجيفي في الأيام المقبلة تصعيدا كبيرا وصراعا إعلاميا وبرلمانيا يتضمن الكشف عن الكثير من الملفات بينهما والذي سيساهم أيضا في تعطيل عمل البرلمان بعد أن توقف عمل الحكومة منذ أشهر لإنشغالها بالصراعات السياسية وتثبيت الإستحواذ على السلطة وكرسي الحكم لصالح المالكي. |