لا يمكن أن تسير الحياة, دون أن تنظمها قوانين أو أعراف, يتوافق عليها الناس ويقرونها, ويلتزمون بها أو يلزمون بتطبيقها. القانون ومدى احترامه وتطبيقه, أهم المؤشرات والدلائل على مدى رقي المجتمع وتقدمه, والمحتوى الإنساني والحضاري, الذي يمتلكه مواطنو المجتمع. أهم قوانين الامم, وأنظمتها الحقوق هو دستورها, والذي يمثل القواعد أو الخطوط العامة التي تنشا منها بقية التشريعات والقوانين, وهذا استدعى اهتماما كبيرا بموضوعة الدستور وكتابته, وتشكيل هيئات ومحاكم مختصة, لتفسير فقراته وبيان أحكامه. كتابة دستور جديدة حالة تحصل مع تغيير نظام الحكم, لان الدستور القديم أن وجد, يكون قد فصّل على مقاسات الحاكم السابق, ولأهمية الدستور, يفترض أن يتم كتابته بتأني بفترة زمنية كافية, ليكتسب الرصانة ويعرض للدراسة, وبمختلف المستويات والاختصاصات, لإشباعه نقاشا ومراجعة. تغير النظام يرافقه دوما ما يرافقه..فوضى, وفراغ حكومي وإداري وقانوني, فيتم الاستعجال بكتابة الدستور, لمليء الفراغ, فيأتي الدستور محتويا على هنات, أو فقرات ملغمة وقابلة لأكثر من تفسير, وهذا ما حصل عند كتابة دستور العراق بعد عام 2003. مشكلة الدستور العراقي, لا تتعلق بوجود أخطاء فيه, قدر وجود فقرات محددة يوجد اختلاف حولها, وغموض يحيط ببعض تلك الفقرات, مما يتطلب تفسيرا لها, وهذا التفسير يخضع للاجتهاد, وقابل للطعن, نظرا لكثرة الملاحظات حول النظام القضائي العراقي, وما يقال عن استجابته بالضغط السياسي. هل يكفي أن يتم إكمال تشريع القوانين التي تفسر وتبين أحكام الدستور؟ أم أن الدستور فعلا بحاجة إلى إعادة نظر؟وهل هناك حاجة لتعديل فقرات منه؟ أم بحاجة إلى إعادة كتابته كما يطالب البعض؟ من المنطقي القول, أن إكمال إقرار القوانين, وتعديل أو إلغاء ما ورثناه من قوانين النظام السابق, ستحل نسبة كبيرة من الإشكالات, وهذا أولوية..لكن تعديل بعض فقرات الدستور, أيضا خطوة صحيحة, وتحقق للآخرين ما يريدون من الدستور, ليصلح أن يكون جامعا. مطالبة بعض السياسيين بإعادة كتابة الدستور, ورقة تفاوضية بسقف عالي جدا, لكن هذا يجب أن لا يمنعنا من دراسة تعديل الفقرات المختلف عليها بشكل جدي, أو تفعيل ما تم دراسته سابقا, و تشكيل لجنة للتوصية بشأنه وضمن فترة محددة, وعرضها للتصويت والاستفتاء حولها لاحقا المراجعة خطوة صحيحة دوما..لكنها لا تعني بالضرورة التراجع أبدا.
|