بين ولاية الفقيه ونظرية المسافة الواحدة |
ولاية الفقيه أصبحت النظرية التي تفرض واقعيتها - عمليا - على القيادات الدينية الشيعية ، من آمن بها ، ومن لم يؤمن . فهناك من الفقهاء من يرى انها ضرورة عقلية ، تستند الى الأدلة الشرعية ، بل وبعضهم يرى انها الأصل ، استنادا الى حاكمية الله . ومنهم من يرى خلاف ذلك ، ولا يرى للفقيه اكثر من الولاية الحسبية في زمن الغيبة . ان الفقيه الوحيد الذي لم افهمه في حقيقة موقفه من هذه النظرية ، هو المرجع السيد السيستاني . فقد كان الشائع بين العام والخاص فيما مضى انه لا شأن له بالسياسة ، منشغل بالدين عنها . وربما ظنّ هؤلاء المتحدثون ان الدين هو هذا الذي هم فيه ! ، وكأنّ مذهبنا لم يقم على رفض حاكمية الظالم ! ، متناسين ان كلّ بلائنا اننا رفضنا تلك الحاكمية ، وان كلّ نعمتنا اننا نصرنا حاكمية أولياء الله ، وأنّ دمائنا إلزاكية على مرّ تلك القرون لم تكن لتسيل لو اقتصرنا على دين لا شأن له بالسياسة ، والغريب انهم يشاركوننا الفخر بتلك الدماء اليوم ! . ومن جهة اخرى يقول البعض الان ان المرجع السيستاني كان قطب الرحى في اعتدال ميزان السياسة العراقية ، ولولا مواقفه لكان الواع مختلفا وأكثر سلبية . ولست ادري أين ذهبوا بفكرة الاعتزال السابقة ! . انا - أكيدا - مع تدخل المرجع السيستاني في الشأن السياسي ، وكنت أتمنى ذلك منذ سنين ، ولا اقل من تمني ذلك قبل عشر سنين ، لكان خيرا لنا ولهذا البلد ، لكنه للأسف كان اقل حضورا ، حتى وصلنا الى مآسي اليوم ، وحتى صارت الفجيعة كالخبز في أفواهنا ، وحتى تسلط على الناس من لا خير فيه ولا أمل ، وصار أراذل الناس سلاطينهم ، وأكل الغيرُ فيئنا ، وبات همّ الناس دمهم ، لا رفاههم ، فيما نحن اهل الخيرات ومصدرها ! . ان سماحة السيد السيستاني ينتمي - كما هو معروف - الى المدرسة الكلاسيكية للمرجعية ، حيث هي مدرسة انعزالية عن الشأن العام غالبا ، وقليلة النشاط السياسي ، وبعيدة عن الحركية الرسالية ، بمعنى عدم امتلاك المشروع النهضوي ، بل يمكن القول انها مدرسة تلتزم تسيير الأمور كما هي . ان الأسباب في اضطرار المدرسة الكلاسيكية للمرجعية للتدخل في الشأن السياسي ربما تمثلت في : ارتفاع مستوى الوعي والإدراك العام ، وازدياد وتسارع الفتن بما لا يتناسب مع منهج المدرسة الكلاسيكية ، والزاوية التي أصبحت فيها هذه المدرسة مجبورة بسبب المواقف الرسالية للمدرسة المرجعية الحركية ، مما احرجها ، وكذلك توفّر بعض المشاريع ببركة جهود المدرسة الرسالية ، مما وفّر غطاءً مناسبا للتحرك . لكنّ السبب الحقيقي - برأيي - لاندفاع هذه المرجعية الكلاسيكية نحو الشأن السياسي هو استشعارها الخطر ، على وجودها ، وعلى بعدها القومي . ويشفع لرأيي هذا عاملان : قيام بعض السياسيين الشيعة بابتزازها ، عن طريق إيجاد جهات منافسة ودعمها ، كما حصل في كربلاء ، وكذلك وصول مجاميع النواصب الى مشارف المدن المقدسة . ان الحاجة الى تصدي الفقيه للشأن السياسي امر مفروغ منه ، لأسباب واضحة جدا ، لعلّ أهمها حفظ النظام العام والارتقاء بالناس للوصول لغايات الشريعة . ولو ان كل المرجعيات كان لها موقف عملي وناضج وبيّن منذ ٢٠٠٣ لكان وضع العراق عموما والشيعة خصوصا يختلف كليا عما هو عليه اليوم . وولاية الفقيه - بحسب كتابات بعض العلماء - المقصود بها في المصطلح الفقهي هو نيابة الفقيه ـ الجامع لشروط التقليد و المرجعية الدينية عن الامام المهدي ( عجل الله فرجه ) في ما للامام ( عليه السلام ) من الصلاحيات و الاختيارات الموفوضة اليه من قِبَل الله عز و جل عبر نبيه المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) في إدارة شؤون الامة و القيام بمهام الحكومة الاسلامية. هذا في احد مستوياتها ، وتكون مراتب انبساطها موقوفة على بسط يد الفقيه ، ولا اقل من حفظ مصالح شيعة ال محمد العامة والخاصة . ولهذه النظرية أنصار من الفقهاء الكبار ، يمتازون بأنهم نهضويون مصلحون غالبا ، كالنراقي من القدماء ، والشهيدين الصدرين والخميني من المعاصرين . ويُنقل عن المفيد قوله : «وإذا عدم السلطان العادل ـ فيما ذكرناه من هذه الأبواب ـ كان لفقهاء أهل الحق العدول من ذوي الرأي والعقل والفضل أن يتولوا ما تولاه السلطان ، فإن لم يتمكنوا من ذلك فلا تبعة عليهم فيه» . ومن الواضح ان العقل الذي يحكم للفقيه بتولي ما للسلطان يحكم بتولي ذلك بالنسبة التي يتيحها الظرف للفقيه ، وبمقدار تمكنه ، لان الأصل هو حاكمية الفقيه ، لا السلطان غير الفقيه ، باعتبار ان الفقهاء ورثة الأنبياء . لذلك إنما تكون التبعة على الفقيه بمقدار تضييعه الفرصة ، لا انها تكون ملقاة عنه تماماً . ولا اعتقد ان هناك فرصة وتمكنا تهيأ لفقيه من فقهائنا المعاصرين كما تهيأ لسماحة السيد السيستاني ، بعد ٢٠٠٣ ، لتوطيد أركان الشرع المحمدي وزيادة سهم الشيعة ، حتى للسيد الخميني ، الذي لم يقم حكومته الاسلامية الا بجهد جهيد وعناء ومقارعة لكل أنظمة الطواغيت . لكن - للأسف - لم يكن هذا التمكن منتجا ، رغم ان باقي الفقهاء ومن يتبعهم كانوا سيقفون الى جانبه ، اما لنصرة الحق من خلاله ، او لأنهم في طول مرجعيته . وبعض الفقهاء - كالسيد الشيرازي - ذهب الى نظرية شورى الفقهاء ، كتوجيه اكثر ديمقراطية لنظرية ولاية الفقيه ، ولئلا ينفرد احد غير المعصوم برأيه ، لكنه كان مدركا لضرورة تصدي الفقيه كما هو واضح : (.. إن الدولة الإسلامية رئيسها الأعلى هو الفقيه الجامع للشرائط، سواء كان بصورة فردية أو بصورة جماعية- حسب اختيار الأمة أحد الأمرين .. ) . لم يكن هذا المقال بحثا في ولاية الفقيه ، او الاستدلال عليها ، لكنه كان مناقشة للضبابية المزمنة ، التي تكتنف سيرة المدرسة الكلاسيكية للمرجعية ، والتي كانت على الدوام في صدارة المشهد الإعلامي ، كزعيمة للتشيع . وبغض الطرف عن سالف السيرة الضبابية لهذه المدرسة ، يمكننا ان نناقش اليوم واقع حالها ومقالها تجاه السياسة العراقية . حيث هي تركت الحبل على الغارب لسنين ، كانت مهمة ومفصلية في توجيه مستقبل البلد ، والشيعة خصوصا ، تحت شعار ( عدم تدخلها في السياسة ) ، حتى انتشرت الفوضى بسلاح الجهل والمغريات والعصا . ثم في مرحلة اخرى قررت انها لا تعطي رأيها في خيارات الشعب العراقي السياسية ، بعد ان وصل الشعب الى منطقة الحيرة ، بين المدعيات والمسميات الكهنوتية للسياسيين ، وبين واقعهم الفاسد الذي يزكم الأنوف بنتانته ، تحت شعار اخر ، تمّ الترويج له إعلاميا ، انها ( تقف من الجميع على مسافة واحدة ) ! . وهي مقولة تخالف الكتاب والسنة بصراحة ووضوح . فهذا القران يصرح : { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ} ، { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} ، { قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ، { أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } . وهذه المقولة كانت منتجة لمزيد من الفوضى والانهيار ، فاضطرت المرجعية الى مبنى متناقض كليا مع الشعارين السابقين ، فأعلنت تدخلها في الشأن الأمني ، لما ذكرناه من اسباب سابقا ، ولأسباب اخرى لا مصلحة في سردها هنا . ثم نرى المقربين من مرجعية السيد السيستاني يصرحون انها كانت السبب الرئيسي في تنحية رئيس الوزراء ( المالكي ) عن منصبه ، وترشيح شخصية اخرى بديلة ، لضرورات وطنية ، تحت شعار جديد ، ان المرجعية هي صمام أمان هذه الأمة ، ولها حق توجيه السياسات الباطلة وحفظ المصالح العامة . انا شخصيا مع هذا النهج والشعار الأخير ، وأبارك هذه الخطوات ، رغم انها متأخرة جدا ، وفضفاضة ، لكنها أفضل من لاشيء من بعض زواياها ، وتثبت ان الأمة أجبرت هذه المدرسة الكلاسيكية على تغيير نهجها ، وجعلتها اكثر واقعية . لكن هذا النهج المتأخر لمرجعية السيد السيستاني وغيره من ففقهاء المدرسة الكلاسيكية في النجف الأشرف - الذين كانت لهم بيانات وفتاوى سياسية مؤخراً - هو عين ( ولاية الفقيه ) ، من الجانب العملي . رغم انها مرجعية محسوبة على المدرسة الحسبية ، غير الولائية . لكن بقاء هذا السلوك متناقضا بين القول والعمل للمدرسة الكلاسيكية سيتسبب بمزيد من الإرباك في الشارع الاسلامي عموما ، والشارع العراقي خصوصا . ان احتساب مرجعية السيد السيستاني على المدرسة الحسبية امر مشكوك فيه عندي كمتابع ، وكذلك لا يمكن احتسابها على المدرسة الولائية . فهي في هذه المسألة تفتي بما يزيد من ضبابية الفكرة في ذهني . وعند اطلاعي على رأيها لم استطع تمييز مكانها من هذه النظرية . فقد جاء في موقع مكتبها الالكتروني المسألتان التاليتان : ( سؤال: هل يجوز تشريع القوانين أستناداً الى المصلحة؟ ، الجواب: يجوز ذلك لمن له الولاية شرعاً ضمن شروط خاصة ) . ( ... الجواب: الولاية فيما يعبّر عنها في كلمات الفقهاء (رض) بالامور الحسبية تثبت لكل فقيه جامع لشروط التقليد ، واما الولاية فيما هو اوسع منها من الامور العامة التي يتوقّف عليها نظام المجتمع الاسلامي فلمن تثبت له من الفقهاء ولظروف إعمالها شروط اضافية ومنها ان يكون للفقيه مقبولية عامة لدى المؤمنين ) . وهما جوابان يحملان عدة تفسيرات وتأويلات ، ويمكن لهن التوافق مع كل المدارس والآراء ، بحسب ما يريد القارئ لهما من نتيجة ! . وليس ذلك بدعا من بعض فتاوى سماحة السيد السيستاني ، ففي قضية ( ثبوت الهلال بحكم الحاكم ) يفتي سماحته بالاتي : ( مسألة ٤٧٨ : لا يثبت الهلال بحكم الحاكم ، ... ) كما جاء في كتاب المسائل المنتخبة ، فيما مكتب سماحته يتصدى عمليا لمسألة ثبوته من عدمه ، ويلتزم ثبوته بفتواه جمع غفير من الأمة ! . ولعلّي كنت منصفا وواقعيا في توقعي لنتائج فتوى مرجعية السيد السيستاني ب ( الجهاد الكفائي ) ، وأشرت الى انها - رغم رفعها لمعنويات الجنود - سوف لن تكون منتجة على الارض . فقد كانت فتوى غير مدروسة بشكل واقعي ، سلّمت المئات من الشباب العقائديين الغيورين الى أيدي ليست امينة ، وقيادات غير مهنية ، قادتهم الى محرقة ، ولم تحقق على الارض الا بقاء العدو بعيدا عن بغداد ، لكن بثمن كبير وغالٍ . فيما لم تستطع الفتوى حماية آلاف العوائل ، التي تمّ تهجيرها ، وقتل ابنائها وولاة أمرها ، واستحيا العدو النساء لامتهانهن ، فحسبنا الله ونعم الوكيل . وحتى الان لم تتقدم تلك الجموع الغفيرة من أبناء القوات المسلحة الصامدة وجموع المجاهدين الغيارى الى مساحات تستشعر معها طعم الانتصار ، رغم ان الوضع التنظيمي لتلك القوات تحسن عن الأيام الاولى للفتوى ، بعد ان ضغطت باتجاه ذلك التنظيم الكثير من المؤسسات الوطنية والدينية والنخبوية . فيما لو كانت حالة الفتوى اكثر وضوحا وتنظيما لكانت الأمور الجهادية والأمنية قد تمت متابعتها وترتيب أوراقها قبل إطلاق الفتوى ذاتها . وبيان ضبابية هذه الفتاوى واضح في إطلاقها من قبل الشيخ عبد المهدي الكربلائي ، ومن ثم تعديلها من قبل السيد احمد الصافي . وهي رغم ذلك تركت هذه الجموع المفعمة بالعاطفة الحماسية والغيرة ضحية قيادات عسكرية وإدارية كانت السبب الرئيسي لانهيار المنظومة العسكرية والإدارية ، في الموصل وغيرها . ولضبابية هذه المدرسة ، فهي حتى اليوم منقسمة بين مرجعية لم تعطِ رأيها في ( قانون الأحوال الشخصية الجعفرية ) ، وبين مرجعية أعلنت تأييده ، ثم هاجمته ! ، مع أهميته في هذه المرحلة من تأريخ الشيعة ، حيث لا حجة لمن خذله امام الامام المعصوم الا الإهمال والتضييع . ( في الكافي عن عمر بن حنظلة قال: سألتُ أبا عبد الله عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يُحكم له فإنما يأخذ سحتا، وإن كان حقاً ثابتاً له، لأنه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر الله أن يكفر به قال الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ}. قلتُ: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران [إلى] من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا، رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله. قلتُ: فإن كان كل رجل اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما، واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ قال: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يُلتفت إلى ما يحكم به الآخر. قال: قلتُ: فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر؟ قال: فقال: يُنظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من أصحابك فيُؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب فيه، وإنما الأمور ثلاثة: أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله : حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم. قلتُ: فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: يُنظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة، فيُؤخذ به ويُترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة. قلت: جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامة والآخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يُؤخذ؟ قال: ما خالف العامة ففيه الرشاد. فقلت: جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا. قال: يُنظر إلى ما هم إليه أميل، حكامهم وقضاتهم فيُترك، ويُؤخذ بالآخر. قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟ قال: إذا كان ذلك فأرجه، حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات. ) . ولو أنّ هذه المدرسة - وهي الغالبة على المؤسسة الدينية والاجتماعية والإعلامية الشيعية ولها امتدادها الدولي - كانت قد تدخلت في مجريات الأمور من عشر سنين او ما تلاها لكانت الدنيا غير الدنيا ، ولارتد الفاسد عن فساده ، والظالم عن ظلمه . لكن الذي حدث - للأسف - ان بعض السياسيين الذين كانوا سببا رئيسيا في خلق الأزمات واستمرارها يطلق تصريحا في النجف الأشرف يقول فيه : ( انه يستمد شرعيته من المرجعيات الكبرى المعروفة في النجف الأشرف ) . ولم يرد عليه احد !. حتى كانت نتائج تركه يعيث خرابا ، تمزق البلد ، وانهيار الجيش ، وهوس الطائفية ، وارتفاع معدل الفساد ، وانخفاض الخدمات العامة ، وزيادة الفساد الأخلاقي ، وانفجار عدد المليشيات ، ... الخ . في الكافي عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور العمي يرفعه، قال ( قال رسول الله : إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله ) . ( من كتاب المشيخة ، عن أبي محمد ، عن الحارث بن المغيرة قال : لقيني أبوعبدالله عليهالسلام في بعض طرق المدينة ليلا فقال لي : ياحارث فقلت : نعم فقال : أما لتحملنذنوب سفهائكم على علمائكم ثم مضى ، قال : ثم أتيته فاستأذنت عليه فقلت : جعلت فداك لم قلت : لتحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم؟ فقد دخلني من ذلك أمر عظيم ، فقال : نعم مايمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم ماتكرهونه ممايدخل به علينا الاذى والعيب عندالناس أن تأتوه فتأنبوهوتعظوه وتقولوا له قولا بليغا؟ فقلت له : إذا لايقبل منا ولا يطيعنا؟ قال : فقال : فإذا فاهجروه عند ذلك واجتنبوا مجالسته. ) بحار الأنوار .
|