يشكل الجيش الدعامة الاساسية للشعب والوطن.والى جانبه تلعب المؤسسات الأمنية بمختلف صنوفها دورا كبيرا في حفظ ألأمن الوطني الداخلي.وتلكما المؤسستان تحملان خصوصية خاصة من بين جميع مفاصل الدولة والحكومة كونهما يمسان أمن البلاد ومصيرالناس وهيبة السلطة وسمعة الدولة بين الدول والأمم.
ويحتل الجيش العراقي مكانة مرموقة من بين جيوش العالم من خلال تاريخه المجيد في تصديه للعدوانات الخارجية سواء للوطن أو للأمة.غير أن النظام السابق جعل منه اداة عسكرية قوية متحزبة وصار ينتقي افراده ضباطا ومراتب على ضوء معلومات غاية في الدقة,عدا الجنود المكلفين والذين هم الآخرون يبقون تحت وطأة المراقبة والترصد.
بعد غزو صدام حسين للكويت ومن ثم هزيمته على أيدي قوات الولايات المتحدة ألأميركية بقي الجيش يعيش الفوضى والبعثرة.وحاول صدام أن يحافظ على مايمكن الحفاظ عليه من ذلك الجيش وذلك باعادة تدريبه من جديد وتشكيل مؤسسات عسكرية امنية قوية ملحقة به غير أن ظروف الحصار اثرت كثيرا على المؤسسة العسكرية وبدأت المشاكل تنخر بجسده واضطر الآلاف من افراده ضباطا ومراتب الى الهروب أو الاستقالة لتأمين لقمة العيش لذويهم.
وعندما أن سقط نظام صدام بالضربة القاضية وإسقاط نظام البعث أمر الحاكم المدني برايمر بحل الجيش العراقي بكل تشكيلاته.ومنذ ذلك اليوم تبعثرت كل صنوف الجيش العراقي ومؤسساته المنهكة والتي اتعبتها الهزيمة من الكويت سنة 1991فضلا عن انهيار معنوياته جراء تلك الهزيمة بسبب مغامرات صدام حسين وطيشه وتورطه في غزو الكويت.
بقي الجيش العراقي ذلك الذي كان يتمتع بارفع سمعة بقي هيكلا خاويا تشرذم افراده وتحطمت عدته وماكنته واسلحته حتى أهين تحت شماتة الشامتين بسبب رعونة صدام وزبانيته واعوانه.
وبعد التغيير وتعاقب الحكومات الجديدة مابعد الاحتلال ثم الجلاء حاولت تلك أن تعيد بناء القوات المسلحة كل وفق مايرى ومايؤمن به تحت عناوين (الجيش الوطني) حتى تشكلت وحدات عسكرية كثيرة وكبيرة في محاولة لأعادة ألآسم الكبير لذلك الجيش العظيم الشأن.ولكن رغم مابذل من جهود لأعادة بناء القوات المسلحة فأنها لم تحقق ما يليق به ولو بالحد الأدنى مما كان عليه في السابق في عهد الانظمة السابقة.
هكذا وقع الجيش كأهم مؤسسة في الدولة في مآزق كثيرة وتعرض الى مواقف مخجلة وفقد الكثير من هيبته بسبب تناقضات السياسيين وخلافاتهم وأنظمة الحكم التي تعاقبت على العراق.فقد اضمحلت العديد من مقوماته وأساسياته وأهمها الجانب العقائدي الذي هو بمثابة الطاقة الكامنة في جسده والتي ربما تعادل كل انواع التسليح المادي من عدة وعدد.
أن جملة من ألأسباب وقفت وراء ضعف المؤسسة العسكرية والامنية وبالتالي فقدان ألأمن وأضطراب كل اسباب الحياة العامة في العراق تمثلت في:ــ
1 – النيل من اكاديمية ومهنية الحرفة العسكرية بسبب التسييس والتحزب التي مارستها الحكومة السابقة التي كان يقودها الحزب الواحد من خلال زج افراد حزبيون ليتقلدوا مناصب ورتب عسكرية الغرض منها هو غلق المؤسسة العسكرية غلقا حزبيا وسياسيا على حساب مهنيتها.
2 – فقدان ثقة الجيش بمرؤسيه وقيادته بسبب عدم هيبة القانون العسكري والردع الصارم اثناء المعارك والحروب ومجابهة العدوانات الخارجية والداخلية.فحامل الرتبة العسكرية اليوم يشعر بالقلق والخوف من تنظيمات عسكرية ربما أشد منه سطوة ومكانة وتأثير على عامة الناس.
3 – بعد سقوط حكم البعث,اجتثت الحكومات العراقية اللاحقة كبار ضباط الجيش بسبب انتماءاتهم لحزب البعث.وبذلك وبسبب الحزبية فقد ت المهنية وفقد الجيش قدرات وامكانات تخصصية عسكرية بدوافع سياسية وطائفية .
4 – ازدياد ظاهرة الجماعات المسلحة (الميلشيات) المتشكلة على أسس دينية طائفية اعتمدت الطبقات الشعبية البسيطة وهي جزء كبير من الشعب العراقي,تمد يد الطاعة المطلقة لرجال الدين.
5 – ضمور الشعور الوطني لدى النسبة الكبيرة من افراد القوات المسلحة نابع من أحساس(لاشعوري) بأن البلد صار في حال على غير ماكان عليه من وحدة وانسجام في كل احوال الحياة رغم دكتاتوريات الانظمة السابقة.ذلك الحال تمثل بأثارة الأصطفافات الطائفية التي أيقظتها العقول الدينية خاصة في اعادة وضع حدود بين انتماء ديني وآخر.فلم يخفى على احد ان وجدت تشكيلات عسكرية شيعية واخرى سنية واخرى كردية.تلك التي مزقت وحدة الصف الوطني بينما نجد أن هناك سياسيين ينادون بعدم وجود طائفية.
أن من أقرب الحلول وأنسبها في هذه المرحلة الخطرة والحساسة فيما اذا اراد السياسيون الكبار وسلطات الدولة الثلاث من أن يعيدوا بناء القوات المسلحة على أساس وطني عراقي خالص هي:ـ
1 – دعوة كافة افراد القوات المسلحة من الجيش السابق ضباطا ومراتب الى الخدمة العسكرية دون النظر الى انتماءاتهم لحزب البعث كون ان تلك الانتماءات كانت اغلبها اجبارية مع اتخاذ الاجراءات الامنية والمعلوماتية لكل فرد والكشف عما اذا كان مطلوبا للقضاء وللعدالة وليس كونه كان بعثيا.
2 - اعادة العمل بنظام كليات الضباط الاحتياط(المجندين)
3 – اعادة نظام الخدمة الألزامية مع سن قانون خاص بها يتناسب مع ظروف العراق الجديد.
4 – محاربة كل وجود ديني أو سياسي داخل صفوف الجيش والعمل على غرس روح الدفاع عن الوطن والأرض والدين دون المذهبية ولا العرقية ولا الطائفية.
5 – بسبب الحضور الكبير لبعض التشكيلات الشعبية المسلحة وفرض وجودها داخل البلد وقد صارت واقع حال.فأننا نقترح مايلي:ـ
اما تدمج بصفوف القوات المسلحة وتكلف بواجبات خاصة
وأما تؤسس لها وحدة عسكرية تكون رديف للجيش النظامي
6 – أن يكون العمل بنظام المسائلة والعدالة لايتحدد على من كان بعثيا بل يشمل كل من ارتكب ويرتكب جرما ينال من دم الآخرين.في السابق والحاضر والمستقبل.فقد يوجد اليوم شخصا ليس بعثيا لكنه ارتكب جرائم فضيعة ربما لم يرتكبها ضابط أو جندي بعثي.
|