مرحبا بالخراب الكبير.. مرحبا بلعنتنا العظمى..(داعش)

-1-

 

ليس من خطر يتهدد عالمنا وبالذات شرقنا الكبير بقوة وقسوة وسعة كخطر ( داعش) .

ليس من خطر يتهدد إنسانيتنا وضمائرنا والبقية القليلة الصالحة من أخلاقنا وقيمنا أكبر وأوسع من خطر داعش.

ليس من خطر قادر على أن يهزهز مسلماتنا الجغرافية والثقافية والدينية ... حدود سايكس بيكو... قبائل وطوائف وأعراق سايكس بيكو .. أنظمة الحكم الكريمة النبيلة التي تمثل تمام التمثيل (ويلا ضرورة البتة لدستور أو انتخابات أو برلمانات ) ، تمثل الوعاء الشعبي والثقافي الذي تمخضت عنه

نقول ليس من خطر قادر على أن يهزهز هذا وذاك مثل داعش ...!

وليس من خطر قادر على أن يعيدنا إلى جادة الضمير والوعي الإنساني والحب والخير والرضا وقبول الآخر ... مثل داعش...!

داعش ليست نقمة ... داعش في قناعتي صدمة مباركة ... صدمة قوية كنا بحاجة لها منذ زمن طويل ... بل وطويل جدا لنصحح مسارات وعينا ... مسارنا الثقافي ... رؤيتنا لأنفسنا وللعالم ... مفاهيمنا الثقافية ... مسلماتنا التاريخية الدينية الماضوية البائسة.

-2-

 

هل داعش مفردة من مفردات الفوضى الخلاقة ... أظن ذلك بقوة ...!

بل هي تاج تلك الفوضى الخلاقة .

كل المؤشرات توحي بهذا ... حجم العنف الذي سلطنه هذه المنظمة الإرهابية ... سعة الخراب الذي نشرته 

وستنشره ... يوحي بهذا ... قوتها وسرعة حركنها وقدرتها على ابتلاع الأراضي والثروات ... حجم التدفق الكبير من المتطوعين ... وقاحتها في نشر خطابها حتى في أوروبا ... أعلامها الاحترافي الناجح ... مشاهد الرعب الذي توجهه خصيصا للفئات الضعيفة ، الأقليات والنسوة والأطفال ... يؤكد هذا ...!

 

-3-

 

والأخطر الأخطر من كل هذا أنها موجهة بالذات وبالمقام الأول صوب الطائفة الأكبر والاتجاه الثقافي والديني الأكبر الذي نبعت في الأصل من رحمه .. من رحم معتدليه كما ومنطرفيه ... من رحم موروثه التاريخي والثقافي .. بيئته الأصلية الحاضنة في القلوب والعقول قبل الألسن والأيادي .

داعش وليدة الفشل التاريخي الكبير في بناء الدولة العصرية المدنية الوطنية الجامعة منذ الأيام الأولى لسقوط الدولة العثمانية حتى يومنا هذا .

داعش وليدة كل الملفات التي لم تناقش بجرأة ... الأقليات ... الأعراق ... الآخر المختلف... الشقيق والصديق والمواطن الذي يجتمع مع الأغلبية ويختلف عنها بشخصيته الثقافية والروحية الخاصة المتميزة ( والتي هي حقه الإنساني الذي لا يصح حتى الجدل بشأنه).

داعش وليدة الفشل في حسم ملفات العلاقة مع الجوار المشرقي .. في ترصين علاقة طبيعية مع العالم وثقافة العالم خارج إطار هذا الإقليم وثقافة الإقليم.

داعش وليدة الفشل في حسم القضية الفلسطينية بشكل مقنع مرض لكل الأطراف.

داعش وليدة الفشل في ترصين الثقافة العربية على أسس جديدة ... عصرية حضارية .. إنسانية عقلانية يمكن أن تسهم في إثراء الحياة على هذا الكوكب.

حضارتنا ليست حضارة بترولية حسب ولا حضارة ثقافية دينية إقصائية حسب ... لا ... ثقافتنا يجب ويجب أن تكون اكبر وأشمل وأوسع من هذا .

 

-4-

 

داعش هي تسونامي هذه الأمة .... هي نظير قنبلة هيروشيما التي أيقظت العقل والروح اليابانية .

فهل تفعل فينا مثل هذا ؟

هل تنجح في أن تهز وعينا بقوة لنعود إلى جوهرنا الإنساني ...

أرجو هذا وأتمناه .

وإلا فأن خرابا كبيرا خطيرا سيصيبنا ... خرابا ... لا قبل لنا به ... خرابا قد يأخذ من أعمار هذه الأمة قرونا ودماء كثيرة وآلام لا حدود لها .