منهجهم الإنتقائي ومنهجنا الغبائي!!

الإنتقاء : الإختيار.

التنقّي : التخيّر.

 

ما نسميه إنتقائية إنما هو سلوك منضبط مدروس , وفقا لبرامج الخطط الفاعلة والمعمول بها في مراكز إدارة المصالح وتحقيق الأهداف المرسومة , وإقامة الأنظمة المطلوبة اللازمة لتحويل الهدف إلى طاقة إيجابية لصالح المُستهدِف.

 

وقد كتبنا كثيرا عن الوجيع العربي وليس الربيع العربي , كما أريد تسميته لضخ الناس بشحنات إنفعالية عالية لأخذهم إلى وديان التلاحي والخسران , بالوصول إلى إقامة الأنظمة الفاشلة الضرورية لصناعة الفراغات المطلوبة , لترعرع الإضطرابات وبؤر الفوضى والصراعات  , المعززة بالطاقات العاطفية المتأججة المُسعّرة بأحداث لها القدرة على تحويلها إلى جحيمات سقرية لهّابة.

 

والمشكلة ليست في إرادة الدول والقوى الساعية وفقا لبوصلة مصالحها , وإنما في المجتمعات والشعوب التي تحقق لها مصالحها , وتبلع الطُعم بعد الطُعم.

 

ففي العراق تحقق إحتلاله بدعوى القضاء على أسلحة الدمار الشامل , التي تملكها عشرات الدول غيره , ولما تعرّت الفرية وإنكشفت الخدعة , رُفِعت لافتات الدعاوى الديمقراطية  , ووضع في الدستور المكتوب أصلا أو المُعد مسبقا , طُعم المحاصصة  فابتلعته جميع الأطراف وتفاعلت  بعنفوان على هداه , مما أوصلها إلى ما هي عليه الآن من تداعيات وإضطرابات وإنهيارات شاملة.

 

وهذا يعني أن ما نسميه بالإنتقائية يلقى أذنا صاغية من المجتمع المُستهدَف , أو أن المجتمع يوضع في مواقف تجبره على الإذعان للقرارات المطلوبة والسياسات المفروضة المبرمجة.

 

وما يتحقق في شمال البلاد يُسعِد أصحاب المكان , ويزيدهم عزما على الوصول إلى أهدافهم وغاياتهم , وهذا يشير إلى توافق الأهداف والمشاريع.

 

وما يجري في وسط البلاد وغربها وجنوبها يخدم المصالح الخارجية تماما , فلماذا يتدخلون وقد تأهل الناس أجمعين لتحقيق مصالح وأهداف هذه القِوى من دون أن تبذل أي جهد يُذكر , وما يدور في سوريا أعظم إنجاز وهدية يُقدم لأعداء الأمة.

 

فبربّك , لماذا نلوم الآخرين  ومصالحهم تتحقق وأهدافهم تتأكد , أ نريدهم أن يتدخلوا لإعاقة إنجازاتهم وضرب مصالحهم؟!!

 

نحن الذين علينا أن نتدخل في شؤوننا ونصلحها ونشذب عقولنا ونطهرّها من الأفكار السلبية السوداء , ونضع مصالحنا الوطنية المشتركة فوق خزعبلات ما نرى ونتصور ونعتقد ونتوهم. 

 

فالعيب فينا  وفينا , ولا يمكننا أن نغض الطرف عن عيوبنا ونرمي باللائمة على الآخرين , الذين يدينون بمصالحهم وبعضهم يدّعون بأنهم يحملون رايات الدين والعقيدة.

 

فالمجتمعات مصالحها فوق كل ما تتصور وتعتقد وترى , فالدين عندها ليس أولا , ونحن نبقى ندور في طاحونة الخداع والتضليل , ونحسب الدين أولا وأولا , وما أنجزنا شيئا يُذكر بل قتلنا الدين بالدين.

 

إن المجتمعات التي تجهل الرؤية الوطنية , ولا تزن أهدافها وفقا لها , لا يمكنها أن تكون ذات سيادة وصاحبة قرار , وإنما تابعة مستعبدة وضحية , بل ومُضحكة!!!

 

فهل سننقي نفوسنا وعقولنا من شوائبها ونصنع إنتقائيتنا , التي تتحكم بإتجاهاتها بوصلة مصالحنا , وهل لدينا القدرة على أن ننتصر على ما فينا من المساوئ والسيئات؟!!