كنت حتى الأمس القريب من بين المتفائلين بحدوث تغيير في الأداء الحكومي الجديد، لكن قد أكون من بين كثيرين استفاقوا من الصدمة متأخرين بعد عودة نفس الوجوه الى مسرح تشكيل الحكومة وكأن العراق لم ينجب غيرهم، أو لأن ما يعرف ب" النصب السياسي" بات من مؤهلات البقاء في مركز التأثير، حتى لو تطلب ذلك " شفط "المواقف و اقتباس وجوه لكل مناسبة!!
وهنا سنمر على بعض المواقف المهمة في اعادة قراءة الأحداث وما يدور من نقاش و و شايات في المجالس الخاصة أو ما يطلقون عليه جزافا " الصالونات السياسية" و الذي يختلف جملة و تفصيلا عن المعلن في وسائل الاعلام ، حيث يتفنن البعض في النفاق السياسي حد الرياء، فيما يستخدم آخرون كل الأوراق لتصفية حتى الشركاء في العملية السياسية،، فمثلا سمعت من بعضهم كلاما يصف فيه الدكتور اياد علاوي بانه " مجرم الفلوجة الذي لا يمتلك أي رصيد كي نفكر بالحوار معه"، بينما يتقدم هذا البعض الصفوف للدفاع عن علاوي " القائد الوطني المتميز"، فمن أين يأتي الفرج مع هذا "الدجل السياسي "الذي يمارسه مسؤولون في الخط الأول ، و اسماء البعض منهم محفوظة جيدا، فنحن هنا لا للتسقيط الشخصي بل لتأشير اسباب خطيرة في الأخفاق العام، يمارسها متخصصون في " الشغب السياسي" بكل أشكاله.
و على هذا الأساس لا أجد مفاجأة في الحديث عن خيوط جانبية تحاول التسلق الى المناصب الوزارية بأي ثمن ، واجتماعات سرية للعودة الى الولاية الثالثة، يديرها " ممثلون" يتباكون على حقوق و مطالب المواطنين ،و يبيعونها على ابواب المنصب، ما يجعل من " مراوغي المناصب" اشد وطأة من كل المنظمات المتطرفة، لأنهم يهدمون البيت من الداخل بعيدا بتسهيلات المناصب، و الا كيف يخرج بعضهم عن الاجماع و " التربية السياسية حد التبني الشخصي"، و لا يجدون رادعا بل تحتضنهم جهات أخرى مناكفة لاثارة الأكثر من الفوضى و الخراب!!
وتضع هذه الحقائق مسؤولية اضافية على عاتق رئيس الوزراء حيدر العبادي في التدقيق بالسلوك الشخصي مثل الشهادة ،فالمرشح غير الملتزم الا بمصالحه أخطر من زميل له يمتلك قليلا من الخبرة لكنه جيد السيرة و السلوك ، لأن الأول يمارس التجارة في اي مهمة و الثاني يمنعه الحياء من كسر التقاليد، رغم قناعتنا المطلقة بان أصحاب التوجه الأخير أكثر من المغامرين بالسمعة من أجل المال ، ما يجعل من البحث عن العقلاء مسؤولية تاريخية، بعد أن لعب انفصام الشخصية و "تعدد الزوجات السياسي" دورا مؤلما في ايذاء العراق و أهله."
ولأن العراق ليس ملكا شخصيا لحزب أو عائلة ، ولأن الكفاءات فيه تكفي لادارة المنطقة، فان الاصرار على " تجريب المجرب" فيه مساس مباشر بمزاج المواطنين، الذين تحملوا ما لا يطاق و لم يحصدوا غير القتل و التهجير و تلغيم الأخوة العراقية، حسبما نلمسه من خطف و قتل على الهوية، دون أن يرف لها جفن خجل رسمي من هذا الذبح الجماعي، مقابل تتفشى ظواهر الورع المفتعل في الملبس و السلوك و " نصب" سياسي بأفق تجاري.
وفي المحصلة فان الابقاء على ترشيح الكيانات سينسف الأمل في الوصول الى حلول عملية، خاصة و أن الانتخابات البرلمانية لم تكن " عفيفة" في نتائجها و بالتالي لا يمكن اعتبارها معيارا للنزاهة و الكفاءة، يضاف الى ذلك ان الاصرار على تلميع الوجوه يمثل انتهازية من العيار الثقيل،
لا تقل في خطورتها على شراء الذمم من داخل القوائم التفاوضية لنقل نصف الحقيقة و كشف مستور التوجيهات، علما بأن " الطابور الخامس" المحلي يعمل بكل خبث لقهر الأمل في نفوس العراقيين الذين راهنوا على طي صفحة المالكي و التفاؤل بوعود العبادي، فاياكم و خضراء الدمن سادتي من مرجعيات دينية و مقامات سياسية و لاتنسوا مقولة العراقيين " تحت السواهي دواهي".