قصة نزاهة مسؤول!! |
عذرا قارئي الكريم لا تتعجب! فأني لست بصدد الكتابة عن مسؤول عراقي!، ولو أنه كان بودي ذلك ولكن ما حيلتي حيث لم أجد من أكتب عنه بعد أن أختلطت الأوراق علينا وصارت سمة الفساد المالي والأداري يافطة كل دوائر الدولة ومؤوسساتها ووزرائها وبعد ان صارجميع وزرائنا ومسؤولينا موضع شك وريبة من قبل الشعب؟!. ولكن وكما يقول المثل (لو خليت قلبت)، فهذا لا يعني أنه لا يوجد فيهم نزيه وشريف ويعمل من أجل الوطن، ولكن صار العثور عليه صعبا وشاقا! كأنك تبحث عن ابرة في أكوام كبيرة وكثيرة من القش!؟. وليعذرنا جميع مسؤولينا السياسيين وجميع وزرائنا ومن جميع الكتل السياسية والدينية والقومية فهم من جلبوا على أنفسهم كل هذا التوصيف وهم من خلقوا أزمة عدم الثقة هذه! ليس فيما بينهم فقط ولكن بينهم وبين الشعب الذي أنتخبهم بالدم والخوف والدعاء. هؤلاء المسؤولين الذين ارتضوا أن يقسم العراق الى قسمين!!، قسم يعيش مع الأمريكان كتف على كتف صباحا ومساء! في المنطقة الخضراء ( وهي أسم على مسمى) لجمالها وكثرة ما فيها من مساحات خضراء حيث الأمن والأمان وراحة البال والخدم والحشم والحراسات والماء والخضراء والوجوه الحسان!! وتوفر الخدمات بكل انواعها وهم غالبية المسؤولين والوزراء والسياسيين وقادة الأحزاب والكتل السياسية، والقسم الآخرهو الشعب الذي يعيش في المنطقة الحمراء!!! وهي أسم على مسمى أيظا! بعد أن تحولت الى بحيرة حمراء من دماء العراقيين الطهور الذين يقتلون بالعشرات وأحيانا بالمئات يوميا منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن!! ويحدث كل ذلك تحت أنظار مسؤولينا الذين أكتفوا بالنظر أليهم من بعيد من تحت اشجار الزيزفون والصفصاف في المنطقة الخضراء!!، وهنا دعوني أن أعرج قليلا بالتعليق على المنطقة الخضراء التي لم أرها من قبل حال الكثير من العراقيين والتي سمعنا عنها من بعد الغزو الأمريكي للعراق حيث أقاموا سفارتهم هناك! فالمنطقة الخضراء وحسب ما سمعنا بأنها مجموعة من القصور الفخمة تعود للرئيس السابق المعدوم (صدام حسين) الذي كان مهوسا بالعيش ببذخ وبناء القصور والفلل والمنتجعات الترفيهية الخاصة له ولعائلته وللمقربين منه على حساب جوع العراقيين( صدام بنى 66 قصرا فترة الحصار الأقتصادي الذي فرضته الأمم المتحدة ومن ورائها امريكا بالوقت الذي كان العراقيين يتضورون جوعا!!)، ومن الطبيعي لا تحتاج مثل هذه الأماكن والقصور والفلل للوصف فهي على درجة عالية من الجمال والرفاهية والذوق الهندسي والمعماري، وجاء الأمريكان ليضيفوا لها الكثير من اللمسات الجمالية والخدمية لتبدوا وكانها جنة من جنان الله على الأرض!!!، ويبدوا ان من فتحت لهم أبواب السعد والهناء والرخاء( ولا يلقاها ألاّ ذو حظ عظيم. صدق الله العظيم) وسكنوا تلك المنطقة عملوا وألتزموا من حيث يعلمون أو لا يعملون بشعار( لا أسمع لا أرى لا أتكلم)!! فأن أي خرق لهذا الشعار وسماع أنين ومطالب الشعب المقهور المذلول! معناه الخروج من هذه الجنة؟! ومن الطبيعي لا أحد يريد أن يخرج من هذه الجنة النعيم! وليحترق الشعب وليذهب الى الجحيم!. ثم لو كانوا مسؤلينا وقادة الأحزاب السياسية حريصين والحرص هنا بمعناه الأعم والأشمل هو رديف للنزاهة أقول لو كانوا حريصين على مصلحة الشعب والوطن الذي تداهمه خطر الهجمات من أرهابيي داعش وغيرهم لسارعوا بتشكيل الحكومة الحالية وقللوا من سقف مطالبهم اكراما لعيون الشعب وخوفا على الوطن فكيف لي أن أجد بعد ذلك مسؤولا نزيها!!!. المشكلة أن مفهوم النزاهة والشرف لدى غالبية العراقيين أن كانوا مسوؤلين او حتى مواطنين عاديين هو فقط في كيفية المحافظة على أعضائنا التناسلية لا غير!! رجالا كنا ام نساء!، أما أن نسرق ونقتل وننهب ونسلب وننافق ونقبل الرشوة ونكذب وأن لا نحافظ على المال العام وان لا نخلص في عملنا وأن لا نكون صادقين لا مع أنفسنا ولا مع الآخرين وأن نكون مع الأجنبي ونصطف معه ونتفق معه على احتلال مدننا ومحافظاتنا( يقول أثيل النجيفي أن أهالي الموصل أستقبلوا بالزغاريد والفرح داعش)!!بالوقت الذي كانوا يضربون فيه الجيش العراقي بالحجارة!!، فهذه وغيرها من التصرفات والأعمال والأخلاق التي أشرنا أليها سابقا كلها مقبولة لدينا؟! ولا أحد يستطيع ان يتجرأ وينتقدنا ويحاسبنا عليها لأنها وببساطة لا تمت للشرف والنزاهة بصلة من وجهة نظرنا!! المهم فقط ان نكون محافظين على أعضائنا التناسلية والجسدية! التي هي رمز فحولتنا وشرفنا وفخرنا بين الناس!. أما في الغرب فالعملية معكوسة تماما فالرغبة للجنس عندهم حاجة أنسانية!! لا تخدش من شرفهم وسمعتهم شيئا ولا تقلل من أخلاصهم وتفانيهم في عملهم والأهم لا تقلل من وطنيتهم!!. ولا بد هنا من الأشارة الى ما قاله احد رجال الدين المتنورين ( جمال الدين الأفغاني) والقول شائع ومعروف ،عندما سأل عما شاهده في أوربا أجاب بالقول (لقد وجدت الأسلام ولم أجد المسلمين)!اقول كم كان بودنا أن تكتمل الصورة البهية لأنساننا العربي والمسلم تحديدا عندما يحرص على كل هذه المفردات ويحافظ عليها كما يحرص ويحافظ على اعضائه التناسلية (راجع مقالنا المنشور على هذا الموقع بتاريخ 1/6/2014 بعنوان/ قصة الشرف بين مفهومين/). فقصة نزاهة المسؤول التي سأرويها هو ليس عربيا وطبعا ليس عراقيا! انما هي موظفة بدرجة (مديرة علاقات) في وزارة الخارجية لأحدى الدول الأسكندنافية (دانمارك – نرويج- فنلندا- سويد) وقصة هذه المسؤولة مع النزاهة تنم عن أسمى معاني النزاهة والشرف والمباديء وحب الوطن وأحترام الشعب، لأن معادلة الشعب والوطن واحدة لا أنفصام فيها فمن يحب الوطن يحب الشعب والعكس صحيح، ونضع القصة هذه على طاولة كل مسؤول أو وزير منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن ممن كان لهم دورهم في قيادة العراق من خلال موقعه السياسي والحزبي والوظيفي ونترك لهم مقارنة أنفسهم بتلك المسؤولة!!. تقول القصة :(( أن هذه المديرة صرفت لها (مخصصات ملابس) وذلك لشراء (كوستم) وطبعا من النوع الراقي والغالي الثمن ومن الماركات العالمية يليق بها وبمركزها الوظيفي الذي دائما ما يكون على اتصال مباشر مع الوفود الخارجية والحكومية حيث يقتضي أن تكون حسنة المظهر والهندام والأناقة والشياكة!، ولكن أشترط عليها أن لا تلبس هذا (الكوستم) ألا أثناء أستقبال الضيوف وفي المؤتمرات والندوات الرسمية، وطبعا كانت هذه المسؤولة عند حسن الظن بألتزامها بذلك الشرط الذي حدد لها. ولكن حدث في يوم ما أنه كان لهذه المديرة مناسبة عائلية خاصة، وفي لحظة فرحها وانشغالها في ترتيب وتهيئة مستلزمات هذه المناسبة العائلية وأمام أصرار أبنائها وبناتها وزوجها بضرورة أن تظهر بهذه المناسبة بأبهى وأحلى صورة، وأمام ضعفها الطبيعي كأمرأة!، نست تعهدها؟! وارتدت ذلك (الكوستم) الوزاري الرسمي!!، وذهبوا لتناول العشاء بأحد المطاعم ، ومن الطبيعي أن الناس لم يلاحظونها ويدققوا فيها جيدا لأن الحياة هناك طبيعية والناس لم تنتبه الى المسؤول ولا الى غيره فليس في طبعهم الفضول كما عند الكثير عندنا نحن العرب المسلمين تحديدا!!!، فمثلا لم تتفاجأ أن وجدت وزيرا خلفك يقف (بالسرة)! لأنه جاء ليتبضع من أحد المحلات فحاله كحال بقية الناس!. وعندما أنتهت المناسبة ودعوة العشاء وعادت الى البيت وما أن نزعت (الكوستم) لتعيده الى خزانة الملابس(الكنتور) أصيبت بالهلع والصدمة الشديدة وانتابتها حالة من الأكتئاب والحزن الشديد والشعور بالذنب بعد أن أنتبهت الى نفسها وعرفت أنها خرقت الألتزام والتعهد الأدبي و الأخلاقي والتوجيهات الصادرة بأن هذا (الكوستم) لا يتم أرتداءه ألا في المناسبات الرسمية الحكومية وعند استقبال وتوديع الضيوف فكيف هي أرتده بالمناسبة العائلية؟!، وظلت تصارع نفسها وضميرها ولم تنم الليل بطوله كما لم تنفع كل توسلات زوجها وابنائها وتبريراتهم لها بأنها لم تلبس (الكوستم) عن قصد ودراية بل لبسته في حالة من النسيان!، وما الى ذلك من كلمات الرجاء والتهدأة، وظلت على حالها هذه من تأنيب الضمير حتى أصبح الصباح لتذهب مباشرة الى مكتب الوزيرلتقدم أستقالتها!! وهي في حالة من الخجل مطأطأة رأسها من الحياء وتعتذر بدل المرة عشرات المرات على ما قامت به من فعل شنيع!!! لأنها خانت الأمانة وبالتالي خانت الوطن والشعب!!، وطبعا الوزير من جانبه لم يكذب الخبر كما يقال ولم يجاملها ويسامحها رغم كفاءتها المشهودة ولم يحاول تمشية الأمر كما يحدث في دوائرنا ومؤسساتنا الحكومية ويقول لها (عبانة فتشي، يلة يمعودة فدوة ألج هسة انت قابل مسوية جريمة!!) ، بل قبل أستقالتها على الفور، لأنه لايقل عنها وطنية وشرفا ونزاهة وحفظا على الأمانة!)). الى هنا أنتهت قصة هذه المسؤولة وهي من أحد الدول الأسكندنافية أهل جزر العراة والحمامات المختلطة!! وأضعها امام انظار كل مسؤولينا كبيرهم قبل صغيرهم عمائم غير عمائم!! الذين كانوا في موقع المسؤولية ولا يزالون والذين سيكونون في موقع المسؤولية رجالا كانوا أم نساء أيا كان حجم مسؤوليتهم وخاصة أعضاء البرلمان!!!! ليروا كيف يتعامل المسؤول مع الأمانة وكيف تربي الشعوب أبنائها على الفضيلة والأمانة وأحترام النفس والصدق بالتعامل بعيدا عن لغة الدين ومخافة الله والأنبياء والرسل والأئمة!! وأترك لهم تقييم انفسهم!!؟ وأخيرا أضع سؤالا احترت في معرفة الجواب له كما أحتار غالبية العراقيين فيه!؟: هو كيف تجرأ ويتجرأ الكثير من المسؤولين من سمعنا عنهم من سياسيين وحزبيين ووزراء بسرقة مئات الملايين من الدولارات وتحويلها خارج العراق الى البنوك الأجنبية، حتى وصلت عند البعض الى المليار دولار وأكثر!! وهذا ما فضحته صحف تلك الدول ووسائل أعلامها؟!، فهل هناك من جهة قوية عليا ونافذة تحمي ظهورهم؟ وأعطتهم الضوء الأخضر بذلك؟ ومن هي تلك الجهة او الجهات؟!! وكيف قبلت تلك الدول على ذلك؟!، هذا السؤال وغيره من مئات الأسئلة التي لازالت معلقة منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن ويبدوا أنها ستظل كذلك؟! لأنها هي من دمرت ونهبت البلاد والعباد؟!. بقي أن نعرف بأن آخر أخبار الفساد في العراق وهذا ما يتحدث عنه الشارع العراقي الذي يتلظى على جمر شهر آب اللهاب وسط أنقطاع التيار الكهربائي وعدم أنتظامه هوأن ذلك سببه هو: تصدير العراق للطاقة الكهربائية!!!!؟ الى سوريا والأردن وأن وارد تلك الصادرات لا تدخل ضمن الموازنة العامة للدولة!!!!!! يعني تذهب الى جهات وجيوب!!!، والكلام صادر من مهندسين يعملون في مواقع المنظومات والطاقة الكهربائية !!أقول كل شيء وارد بالعراق منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن وكل لا معقول أصبح معقولا!! وبقدرعدم معقولية مثل هكذا أخبارألا انه لا يمكن أهمالها!!، حيث سبق للدكتور حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء السابق لشؤون الطاقة وهو رجل معروف بعلميته وكفاءته ليس الآن بل منذ حقبة النظام السابق!! بأنه قال بأننا سنصدر الكهرباء عام 2014!!!. فأن كنا ندري فتلك مصيبة وأن كنا لاندري فالمصيبة أعظم!!!!. ماذا نقول: لك الله ياشعب العراق.
|