لست من المتشائمين حيال نجاح مساعي الدكتور حيدر العبادي في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. فالدعم المحلي والدولي الذي حظي به رئيس الوزراء المكلف فضلا عن عزم القوى السياسية في فتح صفحة جديدة في مسيرة العملية السياسية يعطي مؤشرات قوية على ان النجاح سيكون حليف العبادي.
غير أن احتمال فشله لاسمح الله في مهمته يظل قائما وخاصة إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار أن رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي قبل على مضض ترشيح العبادي ولم يتنازل عن ترشيحه الا مجبرا وبعد ان أسقط في يده وخسر جميع الخيارات. ولذا فمن المتوقع أن يسعى المالكي وأعوانه لإفشال مهمة العبادي بكل ما أوتوا من قوّة.
وقد ظهرت تلك المساعي جلية وواضحة في خطابه الذي القاه بعد التكليف إ ذ دعا العبادي الى عدم الإستجابة لمطالب الكتل السياسية والتوجه نحو تشكيل حكومة أغلبية سياسية, وهو الطرح الذي يشكل تحديا للمرجعية الدينية وللمجتمع الدولي المطالبين بتشكيل حكومة وفاق وطني.
فالمالكي لازال يمني النفس بالبقاء على سدة الحكم ولو بخلط الأوراق, مراهنا على إفشال مهمة العبادي وبالتالي إعادة الأمور الى المربع الأول , بالرغم من ان الدستور وضع خارطة طريق واضحة في هذا الشأن.غير ان المالكي الذي يمسك بالسلطة لازال يحاول وبكل ما أوتي من قوة لعدم تسليمها بشكل سلمي.
ولكن مساعيه ستبوء بالفشل أمام يقظة القوى الوطنية وامام إصرار المجتمع الدولي على مبدأ التداول السلمي للسلطة ووفقا للسياقات الدستورية. فلقد نص الدستور في الفقرة الثالثة من المادة 73 على ان " يكلف رئيس الجمهورية مرشحا جديدا لرئاسة مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما, عند إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الحكومة , خلال المدة المنصوص عليها في البند"ثانيا" من هذه المادة".
ووفقا لهذه المادة الدستورية فإن رئيس الجمهورية يكلف أي مرشح وليس ملزما بتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا كما نص البند "أولا" من ذات المادة. ولذا فإن فشل العبادي سفتح الطريق أمام رئيس الجمهورية وباقي الكتل السياسية للتوافق على مرشح جديد بعيدا عن قيد الكتلة النيابية الأكبر.
|