الفنان كاظم الساهر عندما أدى أغنيته الشهيرة "الك وحشة يبو ضحكة الحلوة " كان يخاطب من بادلته الصدود وجعلته يقع في بلوى ، ومطب عاطفي ، بالإمكان معالجته باتفاق الطرفين على حسم الملفات الشائكة بينهما ، استنادا الى دستور العشاق والمحبين ، والمشكلة سهلة وبجهود كاتب اغنية اخرى ، بإمكانه ان يزف البشرى للجمهور ، بإسدال الستار نهائيا على أسباب الصدود ، ومثل اي فلم مصري قديم تظهر مفردة النهاية في اللقطة الأخيرة بخط الرقعة مصحوبة بإطلاق أصوات زغاريد تبارك الحبيبين الدخول الى القفص الذهبي. في المشهد السياسي العراقي لاوجود لصاحب الضحكة الحلوة والابتسامة العريضة ، ومن يظهر أمام الكاميرات يبدو بوجه متجهم "ناصب الجادر ولابس الجينكو" بحسب الوصف الشعبي في اشارة الى اشخاص لم يعرفوا الابتسامة منذ زمن بعيد ، ويحرصون على ارتداء أقنعة الصرامة والجدية لإعطاء صورة واضحة للرأي العام المحلي والدولي تعكس أزماتهم النفسية نتيجة الفشل في الاحتفاظ بالمنصب او التعرض الى انتقادات شعبية وحملات احتجاج تطالب بإحالتهم الى المحاكم الدولية لوقوفهم وراء النكبات والمصائب ، وقتل آلاف الأبرياء نتيجة فشل صاحب القرار في إدارة الملف الأمني . عرف عن رجال الحكم الملكي في العراق بانهم كانوا يتبادلون النكات والطرائف ، ويستمعون الى الموسيقى ، ويحضرون حفلات الجالغي البغدادي ، وربما عبر احدهم عن انشراحه وهز راسه ورفع سيدراته الفيصلية لتحية المطرب عندما سمع المقام وبستة "ربيتك زغيرون حسن ليش أنكرتني " لاعتقاده بانها تحمل إيحاء يشير الى مواقف خصومه السياسيين ، اعتماد هذا الأسلوب في الاقتصاص من الخصوم كان سائدا في البلاد قبل دخولها معترك الصراع على السلطة وبروز دور العسكر في إدارة الدولة ، وبحصول هذا المنعطف اختفت الابتسامات ومن كان يبدو "هاشا باشا" كما قالت العرب ، مفتخرا بخدمة شعبه ، لاحقته اللعنة ، فأقيل من منصبه ، وانتهى به المطاف مصابا بمرض مزمن على اثره فارق الحياة ملبيا نداء ربه ، ليترك الساحة لمن يمتلك الاستعداد لخدمة "ابو الهول " الرابض على صدر السلطة . يعتقد المسؤول" ابو وجه الجينكو " ان ابتسامته أمام الكاميرات تقلل من شأنه الرسمي والسياسي ، وتجعله مضحكة للزعاطيط ، فمن أخلاق المؤمن الظهور بوقار بقامة منتصبة " تسر الناظرين" والمشاهدين بوصفه رجل المهمات الصعبة ، وزيادة في انتحال الوقار لابأس من حمل المسبحة 101 خرزة ، وإعطاء أوامر لفريق التلفزيون الرسمي بالتركيز على الجبهة "الكصة" لإظهار علامة السجود . يروى عن الرئيس المصري الراحل انور السادات انه في احدى جولاته الخارجية زار تونس وأثناء نقله بسيارة مكشوفة ضمن موكب رسمي متوجها الى مقر إقامته ، لفت انتباهه صوت شاب كان يركض بسرعة وينادي سيادة الريس ، فامر السادات سائق السيارة بالتوقف ، واقترب الشاب منه وقال له " والنبي ياريس سلملي على عادل أمام" ومثل هذا الطلب حين يطرحه عراقي على مسؤول سيعتقل على الفور بتهمة الطلب من دولة الرئيس نقل سلام واحد بطران الى المطرب صاحب الأغنية "يمة كرصتني العكربة" .
|