وانت تتابع مثول بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي، ويوسي كوهين رئيس مجلس الأمن القومي، وأبيب كوخافي مدير الاستخبارات العسكرية، امام لجنة التحقيق التي شكلها الكنيست الاسرائيلي، وباشرت عملها فور تشكيلها، على ان تصدر تقريرها بحلول كانون الثاني القادم .. وانت تتابع مثول هؤلاء المسؤولين الاسرائيليين امام لجنة التحقيق المذكورة في احداث الهجوم على قطاع غزة، والتي تزامنت مع انهيار قواتنا العسكرية في الموصل، تتطلع الى ان يأتي يوم يرتقي فيه عملنا المؤسساتي بحيث يمتثل المسؤولون عندنا لطلبات الحضور امام لجان الت?قيق الرسمية المستقلة عن الحكومة، وان تلتزم هذه اللجان بتقديم تقارير مهنية محايدة وجريئة ضمن مدة محددة، تبين فيها المسببات والمسببين لأفعال الفساد الشائنة، والاختراقات الامنية، والانهيارات التي بلغت نتائجها الكارثية حدودا لا يمكن السكوت عنها. لم اطلع لغاية الان، مثل غيري، على نتائج عمل أي لجنة تحقيق تم تشكيلها من قبل الحكومة او البرلمان، رغم كثرة ما اعلن عن تشكيل لجان تحقيق مختصة في عملية فساد كبيرة، كصفقة شراء الاسلحة الروسية قبل سنوات، او في وقائع خطيرة مثل اختراق سجن ابو غريب وتهريب اخطر السجناء الارهابيين، في عملية تمت في وضح النهار واستغرق تنفيذها ساعات طوال. كثيرة هي اعمال الفساد التي حصلت بكل أشكالها وأنواعها، واشارت أصابع الاتهام فيها الى متنفذين في الحكومة، وعديدة هي الاختراقات الامنية التي فقد العراق جراءها ارواحا عزيزة، وتسببت في خسائر مادية فادحة. ومتعددة هي اللجان التي تشكلت للتحقيق والتحقق من الاسباب والمسببين، والمسؤولين عما وقع والمتورطين فيه. لكن نتائج اعمال اللجان جميعا بقيت طي الكتمان، ومؤكد ان غول الفساد والمحاصصة الطائفية والاثنية من بين الاسباب التي حالت دون كشف المستور. ان من غير المؤمل الكشف عن نتائج اعمال اللجان، التي تحقق في هوية المسؤول (المسؤولين) عن تسليم الموصل لقوى الارهاب على طبق من ذهب، ومن غير المتوقع ايضا معرفة المجرم الذي تسبب في تسهيل مهمة القتلة، بتصفية مئات الشباب في ما يعرف بقضية سبايكر. يحق لي الظن ان الارهابيين الذين تم تهريبهم من سجن ابو غريب قبل اشهر، هم من بين المجرمين الـذين اقترفت اياديهم الاثمة جريمة سبايكر، وباقي الجرائم البشعة، في الموصل وتلعفر وسنجار والقوش وغيرها من المدن. وللاسف الشديد اثبتت تجربتنا العراقية صحة مقولة "اذا اردت تمييع قضية وتسويفها فشكل لها لجنة"!
|