هل نستمر بإرسال قرابيننا البشرية إلى المذابح؟

هناك مؤشرات واضحة على أن القوى الدولية الكبرى بدأت بخطوات لرسم خارطة جديدة للعراق .. من المرجح جداً أن ضباط المخابرات الأمريكية الموجودين حالياً في أربيل وعمان يعقدون لقاءات سرية مع قادة "الحراك السني" لإنشاء الإقليم السني المسلح.
القوى المهيمنة في هذا الإقليم كلها دون استثناء إما كانت متورطة في الإرهاب أو متواطئة معه.. وقبل ذلك معظمها من بقايا آلة القمع الفاشية البعثية، ولا وجود لقوة سياسية مؤثرة واحدة ذات توجهات ليبرالية أو وطنية معارضة لخطاب الكراهية الطائفي.
ومع ذلك نسمع دعوات كثيرة لاستثمار الحالة المعنوية التي تحققت عقب فكّ الحصار عن بلدة آمرلي من أجل التقدم وتحرير كل الأراضي التي تسيطر عليها داعش. هذا الجهد سيقوم به بالطبع أفراد الحشد الشعبي من المتطوعين إلى جانب الجيش الذي ينحدر غالبية أفراده من خارج الإقليم الذي يجري تشكيله. هؤلاء سيقاتلون ويقدمون الضحايا ليحرروا الأرض ويعطوها للقوى السياسية التي يقوم كل أدائها السياسي على بثّ خطاب الكراهية ضد هؤلاء المتطوعين وضدّ هذا الجيش لكي يقيموا عليها إقليما مسلحاً مدعوماً من الدول الكبرى تحكمه إيديولوجيا عنفية هي مزيج من فاشية البعث وطائفية الإسلام السياسي ويعتمد بشرياً على عتاة القتلة من بقايا الأمن الخاص والحرس الخاص والمخابرات الصدّامية وعتاة القتلة ممن سيتركون صفوف القاعدة وداعش والنقشبندية وينضوون في "حرس الإقليم" ومن مستهتري العشائر من المهربين وقطاع الطرق، وقد يكون معهم بعض المثقفين والليبراليين ليديروا وزارات التخطيط والطاقة وغيرها في الإقليم.
إذا كان هذا هو القدر الذي يسير نحوه العراق فماذا تسمي من يذهب للقتال لتحرير مدن "الإقليم" من عصابات داعش ليسلمها لاحقاً لأصدقاء داعش لكي يحولوها إلى كيان سياسي - عسكري يأخذ ميزانيته من بغداد ويتحكم بمجاري الرافدين وبالحدود مع أربع دول وبالطرق البريـّة التي تربط العراق بالعالم غرباً وشمالاً؟