لأول مرة يتنازل القادة "العسكريون" ليقبلوا أستضافتهم من قبل البرلمان بعد أن رفض قائدهم العام دوما حضورهم اليه وهو معهم رغم فشله المدوي على الصعيدين الامني والعسكري "ولو لشرب أستكان شاي في الكافيتريا"، وتنازلهم هذا لم يأتِ رغبة منهم في توضيح تداعيات أستشهاد ما يقارب الـ 1700 عسكري من قبل عصابات البعث المتحالفة مع عصابات داعش في مسقط رأس المجرم صدام حسين "تكريت"، ولا نزولا عند مطالبات العديد من المنظمات التي طالبت بفتح تحقيق من قبل البرلمان بتلك الجريمة، بل جاءت بعد أن دخل أهالي الضحايا عنوة الى مبنى البرلمان وهروب نواب الشعب من باب الطواريء.
عادة عندما يستضيف اي برلمان بالعالم مسؤولا تنفيذيا أو عسكريا لمناقشته حول ملف ما، فأن البرلمانيين يقومون بتهيئة أسئلتهم مستندين على أرقام وحقائق دقيقة حصلوا عليها لحصانتهم البرلمانية التي تمنحهم الوصول الى العديد من الملفات التي لا تستطيع الصحافة الوصول اليها عادة. ونادرا ما خرج سياسي ما في الدول الديموقراطية من البرلمان بعد استجوابه حول أية مسألة دون ان يدفع ثمن ما تم استجوابه من اجله، ونادرا أيضا ما كان برلمانيو تلك البلدان يتحدثون بعبارات أنشائية أثناء أستجواب أية شخصية خصوصا اثناء الكوارث، ولا أدري ان كان اعضاء برلماننا الموقر يعتبرون ما جرى في قاعدة "سبايكر" كارثة أم لها عندهم تفسير آخر؟
لا أعتقد ان حادثة سبايكر لها اهمية عند غالبية البرلمانيين وهذا ما لمسناه من الحضور المتدني للنواب الحاضرين، فحضور 207 نائب من مجموع 328 نائبا دليلا على تفاهة الجريمة عند هؤلاء النواب على ما يبدو، كما وأن عدم تركيزهم على مفاصل الجريمة واسبابها والبحث بالأسماء عن العسكريين المقصرين دليل على محاولة منهم ولأسباب سياسية المماطلة في الكشف عن الكثير من الحقائق وتركها لوقت قد يطول من أجل تسويفها. والا لكان الاستجواب بقدر المسؤولية المناطة بهم، وسأضرب هنا مثالا بسيطا على عدم جدية النواب في مراقبة ما يقوله القادة العسكريون والتناقض في اقوالهم لاستخدامها كأدلة على تورطهم في الجريمة او على الاقل التستر على زملاء لهم في القيادات العسكرية الميدانية في صلاح الدين او في بغداد باعتبارها مقرا للقائد العام للقوات المسلحة.
قال السيد سعدون الدليمي وزير الدفاع وكالة "أن حالة أنكسار الجيش في الموصل وصولا الى مدينة تكريت دفع الجنود المتسربين للجوء الى قاعدة سبايكر الحصينة ولم تصدر اية اوامر من القادة الامنيين ورئاسة الاركان بالانسحاب بل طالبوهم بالثبات" إذن فقاعدة سبايكر محصنّة، وحديث الدليمي يناقض بالكامل ما جاء به قائد عمليات صلاح الدين الفريق الركن "على الفريجي" حيث قال في نفس الاستجواب "إن سبايكر هي قاعدة جوية طول ضلعها 7 كم أي انها بمحيط ما يعادل 49 كم ولها باب نظام واحد واربعة أخرى مغلقة وتحصيناتها بسيطة هي عبارة اسلاك شائكة وساتر ترابي" ، وعلى الرغم من التناقض الواضح والصريح بين التصريحين لم نرَ أية مناقشة حقيقية من قبل النواب حول هذه المسألة!! كما ومن حقنا هنا أن نسأل القائد العام للقوات المسلحة ووزير دفاعه وكالة وقيادات القاعدة العسكرية والامنية أن كان من العرف العسكري تحصين قاعدة جوية بأهمية سبايكر الواقعة في منطقة خطرة من الناحية الاستراتيجية كونها تقع في منطقة ينشط فيها البعث المجرم وحلفائه من الدواعش وبقية المجاميع الارهابية، بأسلاك شائكة وساتر ترابي!؟ والا يعتبر هذا أهمالا من القيادات العسكرية؟ ولنفترض عدم منح الجنود لانفسهم أجازة بعد ان أكّد القادة العسكريون خروجهم دون أوامر تبريرا لفشلهم "القادة" وتسترا على بعضهم البعض، فهل كان الجنود يستطيعون مقاومة عصابات البعث وداعش ومن معها من عشائر المنطقة من داخل قاعدتهم التي لا تمتلك أية تحصينات دفاعية!؟
أن ما جرى في قاعدة سبايكر جريمة بشعة تضاف الى سلسلة جرائم البعث السابقة المرتكبة بحق شعبنا ووطننا، وضحايا هذه الجريمة وذويهم ومعهم كل ابناء شعبنا ليسوا بحاجة اليوم الى نصب تذكاري وفصل عشائري وتعويض مادي واعتبارهم شهداء، بل بحاجة الى معرفة مرتكبي الجريمة الفارين ومحاكمتهم ومعهم القيادات العسكرية والامنية الفاشلة وغير المهنية أبتداءا من القائد العام للقوات المسلحة وصولا الى الجنرالات المزيفين والضباط المرتشين والمتعاونين مع البعث وحليفتها داعش.
السيد ولي الدم لماذا استنكفت حضور استضافة القيادات العسكرية والامنية في البرلمان، أم ان الدماء التي سالت من شهداء سبايكر كانت ماءا أو أنهم ليسو بعراقيين .
|