دولة "عصرية وزحلاوي"

 

عبارة "تم وضع اللمسات الأخيرة لتشكيل الحكومة " أصبحت لازمة تتردد على ألسنة القادة السياسيين ، وأعضاء مجلس النواب ، وبعض المحللين السياسيين أصحاب الإطلالة اليومية على شاشات فضائيات عراقية تابعة لقوى واحزاب ، تروج لفكرة اللمسات الأخيرة والحصول على عصا سحرية ستعالج المشاكل المستعصية ، وتحسم الملفات الشائكة لينتقل العراقيون الى مرحلة "الجو بديع والدنيا ربيع ".
فضائيات القادة السياسيين تبث أخبارا وتقارير تجعل مشاهديها على قناعة تامة بان المفاوضات تسير بخطوات متقدمة ، لإعلان تشكيل الحكومة واستكمال الكابينة الوزارية قبل التاسع من ايلول الجاري الموعد المحدد دستوريا لرئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي لإنجاز مهمته ، ولكن ما يعكر الأجواء ويحرم الشعب العراقي من الاستمتاع بالجو البديع وطبقا لتسريبات من المفاوضات ، بروز عقبات تتعلق بالمطالب ذات السقوف العالية ، وتقديم مرشحين لشغل المناصب بطريقة الاستنساخ وتبادل المواقع ، فمن فشل في الحصول على
مقعد في مجلس النواب بسبب "خيانة الناخبين " سيحمل حقيبة وزارية في حكومة العبادي ، تقديرا لجهود المرشح النضالية في الدفاع عن الطائفة والانتماء المذهبي ، علما ان صاحب المعالي الجديد ، لم يحصل حتى على أصوات أبناء عشيرته تؤهله للدخول الى البرلمان ، لكنه استطاع بنفوذه وعلاقاته برئيس التحالف ان يكون عضوا في لجنة التفاوض ، وهذا النموذج، على حد قول النائب عبد الرحمن اللويزي في لقاء متلفز، سيكون سببا في ضياع حقوق المكون الاجتماعي مقابل ضمان الحصول على الحقيبة الوزارية. قول اللويزي يؤكد بشكل صريح بروز خلاف داخل تحالف القوى العراقية حول تقاسم الحقائب الوزارية الأمر الذي ينذر بحصول تشرذم وانقسامات ، كما حصل مع القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي في الدورة السابقة .
الخلاف داخل التحالفات يعطل "وضع اللمسات الأخيرة " وتبدو الحاجة ماسة الى المزيد من الوقت لترتيب التسوية حول المرشحين حتى داخل الكتلة الواحدة ، وفي ضوء ذلك ستفرض نظرية الاستنساخ حضورها لتجاوز المشكلة ، بمعنى اعتماد نسخة العام 2010 في تقاسم الحقائب الوزارية ، والعودة الى المثلث السني الشيعي الكردي وتجاهل فكرة اعتماد شخصيات تكنوقراط لأنها باعتقاد بعضهم " بدعة وضلالة " لا تخدم مشروع بناء دولة "عصرية وزحلاوي" في العراق الجديد.
ربما تكون التصريحات بخصوص "وضع اللمسات الاخيرة" رسالة موجهة الى اطراف خارجية تبعث بتطمينات تؤكد استعداد ساسة العراق على تشكيل حكومة تستوعب جميع المكونات تتجاوز اخطاء السنوات ، وبلورة اتفاق موحد يضمن فرص توطيد النظام الديمقراطي واستقرار الاوضاع الامنية والسياسية في البلاد، ونقل العراقيين الى مرحلة الدنيا ربيع ، بالقضاء على الارهاب ثم تطوير الاداء الحكومي ، وتحسين الخدمات، عندما يحصل الفاشل في الانتخابات التشريعية السابقة على حقيبة وزارية ، ليجرب حظه في السلطة التنفيذية ويضع مع أمثاله اللمسات الاخيرة لرسم ملامح خريطة نجاح المرحلة المقبلة تمتد اربع سنوات، والناجح يرفع ايدو .