الـ"ناتـو" أداة سلام أم حـِمـام ؟!

حلف شمال الأطلسي وإختصاره بالإنكليزية " ناتـو" شكلته أمريكا في واشنطن أثناء الحرب الباردة ضد الإتحاد السوفييتي والمعسكر الإشتراكي سنة 1949 وقّعت على المعاهدة 12 دولة أوروبية من ضمنها تركيا الدولة "الإسلامية" الوحيدة فيه وقد قام الإتحاد السوفييتي بتكوين حلف مضاد سمّي " حلف وارسو" نسبة الى عاصمة بولندا وضم كل الدول الإشتراكية آنذاك وذلك في العام 1955 وبقي الحلفان يضمران " العداوة" لبعضهما حتى تفكك الإتحاد السوفييتي وكذلك المعسكر الإشتراكي مما تم بناء عليه حل الحلف في العام 1991


وبقي الـ "ناتو" نشيطاً رغم إنتهاء الحرب الباردة وأخذ يتدخل في الشؤون الداخلية للدول هنا وهناك بحجة الحفاظ على الأمـن والسلم الدوليين , والمضحك إن بولندا التي كان يسمى الحلف بإسم عاصمتها إنضمت الى ال " ناتو" وكذلك جمهورية تشيكيا وبلغاريا ورومانيا والمجر مما يبعث على الإستغـراب الخروج من حلف للدخول الى الحلف " المعادي " وكان الـ"ناتو" يعيب على " حلف وارسو " تدخله في المجر 1956 و تشيكوسلوفاكيا في العام 1968 ضد ما سمّي آنذاك " ربيع بـراغ" وإفشال ردة سكرتير عام الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي " الكسندر دوبشيك" بينما يقوم الآن الـ"ناتو" بين الحين والآخـر بالتدخل بالشؤون الداخلية للدول كما حدث في ( أحداث البوسنة والهرسك) وفَصْل كوسوفو عن جمهورية صربيا وليبيا لإسقاط " القذّافي" و نشر الفوضى فيها والآن بينما تتفاقم الأوضاع في أوكرانيا وهي تقع على حدود روسيا يستغل الـ "ناتو" الأحداث ويهدد ويتوعد ويقاطع ويعاقب روسيا وكإن الحرب الباردة عادت من جديد وروسيا بدورها لا يمكن أن توافق دخول الـ "ناتو" الى حديقتها الخلفية مما يهدد المصالح الـروسية وتعتبرها خط أحمـر لا يمكن السكوت عنها مثلما فعلت أمريكا حينما إقترب " الإتحاد السوفييتي " من حدودها ببناء قاعدة صواريخ نووية في كوبا – التي تبعد 90 ميلاً عن حدود الولايات المتحدة الأمـريكية في العام 1962 مما هدد بقيام حرب عالمية ثالثة الأمـر الذي دعا الطرفين الى التهدئة وسحب الصواريخ , والآن حينما يقترب الـ"ناتو" الى حدود روسيا يعيد الأمـور الى أعوام مضت ليستعـر خطـر الحرب من جديد فأوكرانيا تطلب الإنضمام الى حلف الناتو فتعترض روسيا بينما خطر تفكك أوكرانيا و إنقسامها كما حدث في جمهورية يوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا قائماً وهذه النقطة تصعّد العداء بين روسيا والحلف و هذا يدفعني للقول إن الحلف يريد أن يتحكم بالعالم ويهيمن عليه بالقوة و هذا يشكل خطر على العالم .هذه المقدمة الطويلة تقودني الى إجتماع حلف الـ "ناتو " الأخير في ويلز بسبب أزمة أوكرانيا وتمدد " داعش" في العراق , فمن طرف يكون الحلف مؤجج للمشاكل ونشر الموت و من ناحية أخرى يحاول أن يقضي على الإرهاب المتمثل في وقتنا الحاضر بداعش! الذي سكت على جرائمها في سوريا بل ودعمها , وقد قرر الحلف تكوين تحالف دولي للقضاء على " داعش" وهنا أستطيع أن أقول يقوم بالدور الصحيح في القضاء على الإرهاب وتأسيس للأمن والسلم في عراقنا الجريح , وهذا يجب أن يكون إتفاق عابر ينتهي بإنتهاء الإرهاب وتجفيف منابعه والضرب على رؤوس الدويلات التي تدعمه بصورة سرية , يجب أن يكون الحلف هنا معيناً مثلما كان في البوسنه , وعليه يجب أن يتفق مع الحكومة السورية أيضاً ليكون ضرب داعش في ساحة تواجده السورية العراقية , لي سؤال برئ أطرحه على الحلف "الإنساني" الذي سكت عن قصف قطاع غـزة الفلسطيني لمدة 51 يوماً وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدميـر بيوتهم بالسلاح الأمـريكي الفتّاك , لماذا غض النظر عن العدوان البربري الإسرائيلي ؟! ولماذا يكيل بعدة مكاييل ؟ وكإن الأمن والسلم لا يحتاجهما شعب فلسطين المحتلة! , لكي يكون للحلف مصداقية عليه أن يدافع عن المظلومين في كل بقاع الأرض و لا يقف مع العدوان هنا والنظام الدكتاتوري هناك أو المتخلف أو الأنظمة العائلية حفاظاً على مصالحه !!


ونحن بإنتظار صولة الـ"ناتو" على داعش ومساعدة القوات العراقية بالقضاء على السرطان الإرهابي بأسـرع ما يمكن قبل أن يستفحل ويكون إستئصاله مسألة صعبة ومكلفة , راسموسن أمين عام الحلف ينتظر موافقة الحكومة العراقية وتعاونها ونحن ننتظـر القضاء على داعش وتطهير المدن العراقية من رجسها , وكذلك ننتظـر الإستقرار السياسي وذلك بتأليف حكومة قوية بوزراء كفوئين , مخلصين للوطن و الشعب .