ألطائفية، سلاح المُـفلِسين

يوم بعد يوم، يزداد الاحتقان الطائفي، وتتصاعد حدة وتيرته، ونبرات صوته، بسبب التشنج الواضح والخطير الذي يمارسه البعض، من خلال التصريحات والخطابات والمواقف، التي تعتبر جميعها بمثابة الزيت الذي يصب على النار. وهذه التصريحات والخطابات، التي تصدر كل يوم، ومن كِلا الفريقين، لا تزيد من الامور الا تعقيدا، وصعوبة، وخطورة، وتاخذ بالحلول الى طرق مسدودة. والغريب في الامر ان الاعم الاغلب، لم يلتفت الى خطورة ما ستؤول اليه الامور في المستقبل، ان بقيت الاحداث على ما هي عليه، فالشحن الطائفي العجيب الذي يزداد بشكل سريع، لن يكون لقمة سهلة سائغة تستطيع الحكومة بامكانياتها العسكرية البسيطة ومعلوماتها الاستخبارية المنخورة ان تبتلعها وتوقف مسيرتها وزحفها لو بدات اتونها بالنهوض لا سمح الله. فعليه يجب ان يفكر الجميع بحلول سريعة وجذرية للاحداث المتسارعة التي تجري على هذه الارض المسكينة، التي باتت لا تحمل على ظهرها الا جثث الابرياء ونيران المفخخات والاحزمة الناسفة. وهذه المسؤولية لن يُستثنى منها اي احد، اكرر اي احد، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وتبدا هذه المسؤولية من حيث الاولوية والاهمية من السلطة الدينية العليا، واعني بها المرجعية الدينية في النجف الاشرف، التي لها الكلمة القاطعة والقول الفصل، فهي ما ان تدلي بدلوها، ستكون جميع الاطراف المؤمنة بفكرها مُلزَمَة بما ستقدمه من حلول، وعليه، يجب ان يكون هنالك موقف واضح منها، تجاه ما يجري من احداث، بل هي معنية بفرض حلول وارغام جميع الاطراف على قبولها، لانه لا يوجد ما يبرر استمرار صمتها، او قل وقوفها بهذا الحياد الصامت. اما الجهة الاخرى المسؤولة عن ايجاد الحلول، فهي القوى السياسية، بمختلف عناوينها ومؤسساتها، دون استثناء، لانها كانت وراء الاعم الاغلب من الازمات، بل يمكن القول ان بوابة الاحتقان انطلقت من اروقتها، لذا فهي ملزمة بايجاد مخرج للازمة، وان تطلب ذلك تنازل بعضها للبعض الاخر، بل التنازل من قبل الجميع، كون الواجب الذي يقع على عاتقها - القوى السياسية -، اشمل واكبر واخطر، فهم يعتبرون الجهة المسؤولة عن كل ما يجري اليوم من احداث وتصعيد خطير. اما الجهة الثالثة التي تُعتبَر مُغيَّـبَة عن القرار، هي الجماهير، فالجماهير اليوم منقسمة في ارائها وتوجهاتها وانتقاداتها، فمنهم من يصفق مع السلطة، في سلبياتها وايجابياتها، ومنهم من ينتقد السلطة بشكل فوضوي اعمى، ومنهم من انشغل بلقمة عيشه غير آبه بما يجري، ومنهم من اتخذ موقف الحياد، لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء. وهنا في كتابتي لهذه الاسطر، اردت ان احاكي ضمير الجماهير باختلاف العناوين التي ذكرتها، واقول لهم، ان النار التي ستوقدها حرب الطائفية لو حصلت لا سمح الله، لن تترك اخضر الزرع ولا يابسه الا واحرقته ودمرته، ولنا تجربة سابقة مع ذلك، كيف ان العراق اشتعل من راسه الى اخمصه، بعد تفجيرات الامامين العسكريين عليهما السلام، اذ ان الجميع كوته تلك النار، سواء على مستوى القتل او الخطف او الاعتقال او التدمير او قطع الارزاق، او فقدان الامن، بل انه يمكن القول ان البلد تحول الى ساحة قتال بين معسكرين ياكل احدهما الاخر، دون تمييز او تشخيص. فاقول لاخوتي، وتحديدا ابناء مذهبي، ان الارهاب اعمى، لا يميز بين حزب واخر، او بين مقلد واخر، ولا بين ابن محافظة واخرى، ولا بين مسؤول وفرد عادي، لذا علينا ان نشعر بالمسؤولية في ايجاد الحلول الناجعة التي تمنع او تحد من وصول الامور الى ما لا يحمد عقباها، وواجبنا الشرعي والاخلاقي هو ان لا نطبل ونزمر وننفخ في ابواق الحرب، لان طبول الحرب لو اعلنت، فان الجميع لا يسلم من نيرانها، فمن منكم لا يريد العيش بسلام، وامان؟، لذا لا تكونوا مُعينين للبعض من الاحزاب والقوى التي تجر عواطفكم المذهبية اليها بغية كسب اصواتكم في الانتخابات، بعد ان عجزت وفشلت فشلا ذريعا في تقديم ابسط مقومات العيش، فبدات على اثر ذلك تعزف هذه المعزوفة القديمة الحديثة، والتي تعكس لنا فشلها الذي شخصناه ولاحظناه، بشكل واقعي حقيقي، لا لبس فيه، ولا خديعة. لذا كونوا دُعاة خير وسلام، لا دُعاة شر وحرب، ففي الاولى، العيش الرغيد الكريم، وفي الثانية، الاقتتال والحقد اللئيم.