زعماء عرب عند حائط المبكى

لم يعد سراً تضامن بعض الزعماء العرب مع الصهاينة, ولم يعد خافيا على القاصي والداني تباكيهم مع حاخامات السفارديم والاشكناز والصباريم عند حائط المبكى, ولم يعد ضروريا تبادل السفراء للتعبير عما وصلت إليه مؤشرات العلاقات الدبلوماسية المتبادلة بين إسرائيل وبعض الزعماء, فالعلاقة الحميمة التي تجمعهما مع كهنة المعابد الوثنية الغارقة في ممارسة الرذيلة أعمق بكثير مما يتصوره عامة الناس. . ينبغي أن لا نستغرب غداً عندما تنقل لنا الفضائيات العالمية صورة الشيخ برميل, وهو ينتحب باكياً عند حائط المبكى, فقد سبقه الرئيس (أوباما) وخصمه المرموني (رومني) وسبقهما رئيس وزراء اليابان (جونتشيرو كويزومي), الذي هرع إلى حائط المبكى معتمراً الطاقية اليهودية, وأجهش بالبكاء أمام أنظار الناس على خيبة أسياده الصهاينة. . قبل بضعة أيام سمعنا وقرأنا تصريحات (جوردون توماس) الرئيس الأسبق للموساد, التي قال فيها: (ما كان لإسرائيل أن تحقق انتصاراتها ضد العرب لو لم يتضامن معها بعض زعماء الشر (الشرق) الأوسط, ولو لم تتلقى المؤازرة السخية من بعض أمراء الخليج, وليس أدل على صحة هذا الكلام من تفاخر رئيس الموساد وقائد فصائل الإرهاب الدولي المجرم (مئير داغان) أمام رجال الإعلام, وتباهيه بالهدايا الثمينة التي تلقاها من أصدقائه الزعماء العرب, فخصص لها جناحا خاصا, من دون أن يتجاهل كتابة اسم الزعيم (صاحب الهدية), وتاريخ ومناسبة الإهداء, ثم قام بتثبيت ما كتبه في لوحات توضيحية صغيرة وضعها بإزاء كل هدية, وكانت معظم الهدايا عبارة عن سيوف وخناجر وبنادق صيد ذهبية مرصعة بالجواهر والأحجار الكريمة. . وفي سابقة هي الأولى من نوعها أوصت (تسيبي ليفني) وزيرة خارجية الأوكار الإرهابية بنشر ما يكتبه الكتّاب العرب(*) الذين تطوعوا لنصرة جند الشيطان, فصخموا (سخموا) وجوههم القبيحة, وانحازوا للباطل بدعم وتوجيه من أسيادهم, فجاءت مقالاتهم معبرة عما تحمله الأجندة الصهيونية من أفكار مسمومة وتوجهات ملغومة. . لقد توسعت دائرة العلاقات الحميمة الآن مع تل أبيب بالطول والعرض, وجاء توسعها امتداداً للتحالفات العلنية مع البيت الأسود, فاتسقت وتناسقت في مواقفها المنجذبة نحو إسرائيل حتى تخندقت معها في خندق واحد, وصرنا على بعد مسافة زمنية قريبة جدا من إعلان الاقتران المصيري بين التابع والمتبوع, أو بين السفاح والمتواطئ معه في إطار حلف عسكري سياسي اقتصادي, يحظى بمؤازرة وعّاظ السلاطين, ومباركتهم المدعومة بفتوى صغيرة, أقل ما يقال عنها: إنها (كلمة حق يراد بها باطل). . سيقول الواعظون والمتواطئون: إنهم لم يخالفوا السنة النبوية المطهرة, ولم يخرجوا عن تحديدات الشريعة, على اعتبار إن اليهود من أهل الكتاب, وإنهم من أحفاد سيدنا موسى عليه السلام, ولا ضير من المتاجرة والمصاهرة معهم, وربما يلوون أعناق الآيات كعادتهم في كل مرة, ثم يكذبون على الناس, فيقولون لهم هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً وهو الجاه عند كهنة البنتاغون, أو الحفاظ على كراسيهم, أو صيانة أنظمتهم الاستبدادية الموالية لتل أبيب. . لقد أصبح الاثنان من أقرب أصدقاء حلف الناتو, فصارت دويلة قطر (على سبيل المثال لا الحصر) من أحباب وأصدقاء الناتو, لتتساوى في صداقتها مع إسرائيل, فصديق صديقي هو حتماً صديقي, وبخاصة في هذه الظروف البنتاغونية, التي تزايدت فيها أعداد القواعد الحربية الأمريكية في المنطقة, فتعانق الاثنان (الغزاة والطغاة) تحت سقف الأحلاف الإرهابية المرعبة. . ما يعني إن المنطقة صارت خاضعة لإرادة القوى الشريرة, وإننا سنشهد ظهور جيل جديد من الزعماء العرب, الذين يمكن تصنيفهم ضمن فئات (العرب الصهاينة), وليس أدل على هذا من اعتراف إسرائيل نفسها بصداقاتها العميقة مع بعضهم, وتباهيها بولائهم لها, إلا إن الإنكار والتستر والكتمان يأتي دائما من بعض الزعماء, الذين لا يمتلكون الجرأة على مصارحة شعوبهم القابعة في ردهات الغيبوبة, فلجئوا إلى سياسة التضليل والترويض, بانتظار الوقت الملائم لإعلان صيغة التوافق والتناغم والانسجام والتلاحم والوئام مع المتباكين عند حائط المبكى, ذلك الحائط الوثني الذي ستستظل في ظله القوى الشريرة كلها لتعلن عن اتحادها مع مافيات الغدر والنفاق. . وهكذا جاءت تقلبات الأحداث المميتة في المنطقة متوافقة تماما مع توقيتات المناورات الحربية, التي نفذتها قيادة الناتو في حوض البحر الأبيض المتوسط, أو التي قامت بها أساطيلها الأخرى في البحر الأحمر, وبحر العرب, وخليج عمان. . ثم ظهرت علينا بعض التنظيمات (المتأسلمة) الموالية لأمريكا, أو المصنعة في معاملها التخريبية, أو المنتفعة من تمويلها ودعمها اللوجستي (الربيعي), ومن المفارقات المضحكة التي نراها الآن على الساحة العربية, إن دخان البنادق بدأ يتصاعد من ثكنات تلك التنظيمات, في صراعها التنافسي مع بعضها البعض, لتحديد الفائز بقصب السلطة في العواصم العربية الراقدة في ردهات (الربيع), ما ينذر بوقوع معارك حامية الوطيس بين الإخوة الأعداء للفوز بميدالية نجمة داود من تحت أنقاض هيكل سليمان, من دون أن نضطر إلى الإشارة إليهم بالاسم, فستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ. . عندنا اليوم أكثر من عاصمة عربية تعيش حالة الغليان, وتوشك أن تنفجر في أي لحظة, وتتردد في أرجائها الآن دعوات التحريض لخوض النزالات الدموية الشرسة, وهنالك أكثر من سيناريو أعدته القوى الظلامية لإخراج مهزلة الصراع على الكراسي المحجوزة سلفا للعرب المتأمركة والعرب المتصهينة, بيد أن السيناريوهات العراقية أو السورية هي السيناريوهات المرجحة في استوديوهات السيرك الفوضوي. . وتبقى الفوضى الخلاقة هي البوابة المخصصة لفلترة الأوضاع بوقود القوى العربية المتربصة, التي لعبت حتى الآن دوراً فاعلاً في بذر بذور الفتنة لتمزيق الوحدة الوطنية في العواصم الخارجة تواً من نفق (الربيع). . وهنالك من يقول إن النهاية لن تكون بهذه البساطة السعيدة مثلما تتخيل إسرائيل, ولن تكون الخاتمة مفرحة مثلما تشتهي أمريكا, إذ من الصعب تغيير مسارات الجموع العربية الثورية المتدينة وإقناعها بقبول التعايش الديني مع اليهود والصهاينة, وكان الأجدر بالقوى الظلامية أن تستنبط الدروس والعبر من البراكين الليبية, التي ماانفكت تغلي بالصراعات القبلية والتنظيمية, حتى راح ضحيتها السفير الأمريكي نفسه, وهو الذي تقمص دور المايسترو, وظن انه يمتلك القدرة الكافية لضبط إيقاعات الصراع على النوتة التي اختارتها واشنطن لعزف سمفونية التشرذم والشتات, فجرفه الإعصار الثوري, وسحقته الأقدام الغاضبة, وسقطت هيلاري بالضربة القاضية من هول الصدمة. . ختاما نقول: ما كل ما تتمنى إسرائيل تدركه, بعد أن بات من المؤكد إن الرياح ستجري بعكس الاتجاهات التآمرية, لكننا لن نخرج من هذا النفق المظلم بسلام, وربما نفقد فلذات أكبادنا, ونخسر أغلى ما لدينا, في هذه الأعاصير المتضاربة, التي ستغرق فيها أيضاً سفن الزعماء الذين اختاروا البكاء عند حائط المبكى. . . والله يستر من الجايات (*) – وهم كل من: تركي الحمد, وطارق الحميد, وعبد الله الهدلق, ومأمون فندي, وعلي سالم, وعبد الرحمن الراشد, ونضال نعيسة, وجهاد نصرة, وطارق حجي, ومجدي الدقاق, وفؤاد الهاشم لعنة الله عليه, وعثمان العمير, وحسام عيتاني, وحازم صاغية, ونديم جرجورة, وحمزة رستناوي, ولؤي حسين, وجمال عبد الجواد, وعبد المنعم سعيد, وحازم صاغية, وهاني النقشبندي, ونصير الأسعد, وستعثرون في الموقع التالي على الدليل القاطع, الذي يعكس مستوى الخسة والنذالة, التي هبط إليها هؤلاء بمحض إرادتهم:- http://www.altawasul.com/mfaar/opp eds/op eds- Arab writers