مجتمعات تفريخ المشاكل!!

 

الفرق الواضح ما بين التأخر والتقدم , هو القدرة على حل المشاكل.

ففي المجتمعات المتأخرة هناك ميل للإستنقاع في المشاكلوتطويرها وتحويلها إلى مآسي وويلات ومتواليات قاسية متوارثةومتنامية المضاعفات والنتائج الدامية الحامية.

وفي المجتمعات المتقدمة , يتم حشد الطاقات الفكرية والثقافيةوالعلمية والنفسية , للوصول إلى الحل الأمثل لأية مشكلة تواجه مسيرة التقدم , لأن المشكلة عثرة وإعاقة , لا يسمحون بإقامتها أو عدم حلها , وبأسرع ما يمكن وبأقل الخسائر.

فالمجتمعات المتقدمة  لا تنام على وسادة المشاكل وفراش التداعيات, ولا تُراكمها ولا تستولدها مشاكل ومعضلات , وإنما تسعى جادة إلى الحل المناسب والشافي والمانع لتكرارها.

فتراهم يقفون إزاء أية مشكلة أو عائقة أو خطأ , ويحللون الأسبابوالدوافع والنوازع والمعطيات والآليات ويبحثون في وضع الضوابط  والقرارات اللازمة  لمنع تكرار الحالة ودراسة الخيارات التي تتفق والحل الأرجح والأصوب.

وهذا ما يجري على جميع المستويات , ومن أصغر مشكلة إلى  أكبرها , من مشكلة البيت والمدرسة إلى مشاكل الدولة وسياسات الحكم.

وفي المجتمعات المتأخرة , ربما هناك عوق عقلي ونفسي يمنعها من إمتلاك قدرات حل المشكلة وتعبيد الطريق لمسيرة منسابة متناسقة وذات قيمة وطنية وحضارية.

فهي تعجز عن حل أبسط المشاكل , وذلك بتعقيدها ومضاعفتها وإستيلادها مشاكل متواترة , تنتهي إلى السقوط في مستنقعات المآسي والخسران , ومن السهل عليها تحويل أصغر المشكلات إلى معضلات ومعوقات.

فلا يمكنها أن تجد حلا لمشكلة النقل والسكن والمجاري والكهرباءوالري والزراعة والصناعة ونقصان المواد الغذائية وغيرها من متطلبات الحياة وحاجاتها الأساسية.

وتبدو مشلولة مسلوبة العقل والإرادة , إزاء أية مشكلة مهما قل شأنها , فلا تعرف غيرالإنفعال والغضب والنكران والإسقاط ,والإيهام والإتهام والأوصاف والتسميات , التي تؤكد العجز وتبين كيف يتم توظيف المشكلة لأغراض سلبية.

وهذه المجتمعات لا يمكنها أن تمارس الحياة المعاصرة , ولا تستطيع تحقيق الأمن  والسلامة الوطنية , وتعجز عن الحفاظ على كيانها الإجتماعي والوطني , لأنها إستنقعت في دوامة المشاكل المتراكمة , ففقدت رؤيتها وحريتها وقدرتها على الحياة.

ولهذا تتفاعل بإهتياج وإضطراب وإنحدار إلى حيث الضعف والإتلاف والتداعي في ملاعب الطامعين والهادفين إلى إمتلاكها ومصادرة وجودها ودورها.

وتبدو وكأنها حاضنات لتفقيس بيضة المشكلة مشاكل لا تعد ولاتحصى!

وبين المجتمعات المتقدمة والمتأخرة , يقف المتأمل متحيرا ومتسائلا , عن الأسباب التي جعلت المجتمعات المتأخرة تستلطف تأخرها ,وتمعن في تثمير المعوقات والمشكلات وتعجز عن التفكير والإستثمار في الحلول النافعة المربحة.

فهل مَن يتساءل ويعمل من أجل الخير والمحبة والسلام؟!