السيدة المحترمة ميسون الدملوجي

تتداول وسائل الإعلام نبأ اختيارك لمنصب وزيرة الثقافة في الحكومة العراقية الجديدة. نتمنى لك التوفيق في مهمتك الصعبة للنهوض بهذه الوزارة وإعادة دورها في دعم الثقافة والفنون في بلدنا والحفاظ على إرثه الحضاري وتنوعه الثقافي ودعم دور الآداب والفنون في نشر ثقافة التسامح والتعددية وإرساء أسس الوحدة الوطنية.
السيدة المحترمة
لقد ترك تصريحك عبر فضائية "التغيير" في الأيام الأولى التي أعقبت السقوط المؤسف لمدينة الموصل بيد عصابات الإرهاب (داعش)، ترك أثراً سيئاً في نفوس الكثير من العراقيين ومن ضمنهم المشتغلون والمهتمون في المجال الثقافي. لقد جاءت تصريحاتك متناغمة مع تصريحات لسياسيين آخرين عـُرف عنهم الاستقواء بالإرهاب، ممن حاولوا التقليل من شأن وجود "داعش" في الموصل والادعاء بأن القوات التي باتت تسيطر على المدينة هي قوات تمثل الأهالي وتدافع عن مصالحهم. لقد فـُهمتْ تصريحاتك تلك على أنها مجاملة لقوى سياسية طائفية لم تتورع يوماً عن الاستقواء بالإرهاب على أبناء وطنها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة، وربما كانت تقرباً لجمهور تهيمن عليه النزعة الطائفية، ويـُفترض أنه ليس جمهورك أنت الداعية إلى الدولة المدنية والمنادية بالأفكار الليبرالية الإنسانية.
كلنا معرضون للخطأ وسوء التقدير، وأفضلنا هو من يتراجع عن الخطأ ويعتذر لمن تسبب لهم خطأه بأي إساءة، ولكنك للأسف بدلاً من التحلي بشجاعة الاعتراف بالخطأ اتهمتِ من انتقد تلك التصريحات بالتزوير والاجتزاء والافتراء، فأمعنتِ في الإساءة لمن أسأتِ لهم أولاً بتصريحاتك التي جعلتك عملياً مع الفرحين بانتصار الإرهاب على الجيش والشعب والدولة. 
سيكون شيئاً يستحق التقدير لو أنك، وبمناسبة اختيارك لمنصب وزيرة الثقافة، تقدمين توضيحاً للمواطنين العراقيين عموماً وللمثقفين العراقيين خصوصاً واعتذاراً علنياً عن تلك التصريحات التي خلقت هوة نفسية كبيرة تجاهك لدى قسم واسع من العراقيين، خاصة وأن الوقائع اللاحقة أثبتت أنّ الصورة التي عبـّرتِ عنها في تلك التصريحات ليست حقيقية وأن القوة الوحيدة المهيمنة على مدينة الموصل منذ العاشر من حزيران هي تنظيم "داعش" الإرهابي وأن أوضاع أهلنا هناك تسير من سيئ إلى أسوأ.
فهل ستكونين الرائدة في الوسط السياسي العراقيّ في شجاعة التراجع عن موقف خاطئ، ربما كان ناتجاً عن سوء تقدير، وممارسة فضيلة الاعتذار التي يمتدحها الجميع ولا يمارسها أحد؟