ليلة سقوط جمهورية... المالكي |
ما الشعور الذي يمكن أن يُتخيل في ليلة مثل هذه الليلة ، ما الشعور الذي يمكن أن يحسه عراقي يشعر بأن هذه الليلة سيعيشها بلا دولة رئيس الوزراء المالكي ، نعم لقد أنزل الله الدين من السماء ، وطلب منا تطبيقه على الأرض ، وتطلب تطبيقه على الأرض دولة تقوم على هذا التطبيق . وهذا هو الذي دعت إليه المرجعية الدينية لخروج المالكي من رئاسة الوزراء بعد فشله ، وهذا هو الذي جعل السياسيون يبيتون في حراك ويصبحون في حراك ، وهو الذي جعل التدخل الدولي والإقليمي يسهرون على هذه الدولة ، وكلما خبا نورها في شعلة انتقلت إلى شعلة أخرى . وهكذا انتقلت من علاوي إلى الجعفري إلى المالكي إلى ألعبادي ، وهكذا ستستمر شعلة التداول السلمي للسلطة في العراق ،وهكذا يكون أخر مشاعل الديمقراطية بغداد ، ويكون أخر حامليها العراقيون . إحساس فريد يحسه ذلك كل عراقي ، فالديمقراطية ما زالت قائمة وستظل ، ولكن الدولة هذه الليلة ستتجدد ، ليعلم الجميع بزوال الديكتاتورية ، لن يخرج الصباح فيرفع علمها ، ولا يهتف لصنمها ، فأن خطرها قد زال ، والانقلابات العسكرية قد ولت ، وريح الديمقراطية قد بان ، ليؤمنوا بعد هذه الليلة . الليلة تسقط في نفسي دولة الديكتاتورية .. نعم يتوارى الطغاة ، كل طاغية يجسد فيها هذا المعنى ردحا من الزمان .. يسقطون كلهم دفعة واحدة ،وترتفع روح الوطنية عنهم بضربة جناح واحد ، تحلق فوق رأسي ، يائسة من الهبوط قبل شهر من الزمن ، قد استنفرت الأيام كل ما لديها لإقامة هذه الحكومة ، قد تلمست كل السبل إلى تلك الحكومة ، وطرقت كل الأبواب إلى الأخرى ، وفي كل مرة تتقطع بي الحبال لم أكن أشعر هذا الشعور ، لأن الشعلة - شعلة الوطن - تنتقل في الصباح من يد هذه إلى يد الأخرى ، كما انتقلت شعلة الرئاسة تماما بتمام . والليلة استبشرت من يد تحملها ، بكل واقعية استبشرت يدي من أن لا تتيه في يوم مفرح براية النصر المبين على الدواعش ، استبشرت من ذلك الصنم العنيد الذي تشبث بالكرسي بأنه رحل ، استبشرت بإعلان تشكيل الحكومة الجديدة ،فكان الاستيأس بعيداً عني .. وخيرا خطبت ...
|