وجوهنا المستهلكة عليها اللعنة

ساقتني الظروف ، يوماً ما ، لتضعني في موقع إدارة صحيفة . و أقول ساقتني ، لأني هارب من أية " إدارة " بطبيعتي ، الميّالة إلى الإنعتاق من أية التزامات أمام " رجل كبير " ، إذ حتى في السنوات الوظيفية الأربع اليتيمة ، في مقتبل العمر ، كنت مشاكساً و متمرداً و خارجاً على النَّص .
ناقشني مالك الصحيفة حول مقابلات ، إقترح أن تجرى مع قياديين في المؤسسة . تساءلت : إلى متى تظل المقابلات حكراً على " الوجوه المستهلَكة " ؟
مشكلة " الوجوه المستهلَكة " صعبة على الحل .
ففي المشرق لا نمتلك قرارنا . و ليست عندنا بُنى تحتية و أساسات خرسانية للديمقراطية . نحن سكان عشوائيات سياسية " مخاتيرها " مفروضون علينا من خارج عشوائياتنا ، و سيف ديموقليس - صانعهم - مسلط فوق رؤوسهم و رؤوسنا ، و أرجل " المخاتير " و من صنعهم و أطلقهم علينا لينهشوا مقدراتنا تتدلّى فوق رقابنا .
لذلك ، غريبٌ جداً اعتراض بعضنا على " استهلاكية " وجوه أعضاء الحكومة العراقية الجديدة . فمَنْ كنا ننتظر مثلاً غير من " أنتجه " فندق متروپوليتان في رأس شارع أجور رود بوسط لندن ، الذي اُمطر عرّابه الأفغاني و وجهه اللوطي باللعنات ، كلما اجتزت الجسر المحاذي له .
لن نخرج من دور و تسلسل " الوجوه المستهلَكة " إلا في حال واحدة فقط ، و هي عندما نمتلك قرارنا بأيدينا و دمائنا ، و ذلك مستبعَدٌ للغاية ، وفق مزاجنا الحالي .
فقد استمرأنا الذل و الهوان ، و أمات الترف نفوسنا ، و إذا كان لقوم موسى سامريٌّ واحد و عجل واحد ، فعندنا ألف عجلٍ ، و ألف سامري ، نعبدهم ليقرّبونا إلى مصالحنا زلفى .
و علينا سلاماً ، و منّا براءة .