الهاتف النّقال

الهاتف النّقال ، أو كما نُسّميهِ هُنا : الموبايل ، إنتشرَ عندنا بِسُرعةٍ صاروخية ، ولا سّيما بعد 2003 ، في عموم العراق . علماً انه ظهرَ في أقليم كردستان قبل ذلك بسنوات . وأدناه بعض الملاحظات ،عن إستخداماته :
* قبلَ سنواتٍ ، قامتْ المجاميع الإرهابية ، ببعض العمليات في بغداد والموصل وغيرها ، التي إستخدمتْ فيها ، الهاتف النَقال ، للتفجير عن بُعد . بعدها مُباشرة ، مُنِعَ المواطن ، من إدخال الهواتف ، الى الدوائر والمؤسسات الحكومية .. حيث تُؤخَذ مِنْ قِبَل الإستعلامات ، وتُعطى لهُ بطاقة ، ويستلم هاتفه عند الخروج . وأصبحَ ذلك ( تقليداً ) مُزعجاً ، في جميع الدوائر الأمنية والخدمية على السواء ، في عموم العراق . " في حين ان موظفي نفس الدوائر ، يتكلمون بهواتفهم بصورةٍ طبيعية " ، وهذا التقليد ، تحولَ تدريجياً ، الى نوعٍ من إمتهان حقوق المواطن ! .
فالمفروض ، أن تُبّدَل هذه التعليمات " خصوصاً في أقليم كردستان " ، وأن لا يُمنَع المُواطن ، من حمل هاتفه في أي مكان ، على ان يقفله ، قبل دخوله ، بعض تلك الدوائر ، لئلا يُسّبب إزعاجاً أو عرقلة لأحَد .
* على العكس ، من ذلك ، فأن من المناظر السخيفة ، التي طالما شاهدناها خلال السنوات الماضية " وآخرها يوم أمس 8/9/2014 ، هي إنشغال النواب ، في مجلس النواب في بغداد ، وحتى في برلمان الأقليم ، بالتكلُم من موبايلاتهم ، أثناء سَير المناقشات المُهمة ، التي تستدعي الإنتباه والتركيز والمُتابَعة .. وهي لَعمري ، ظاهرة مُستهجنة ، يقوم بها العديد من النواب ، وهي دليلٌ على ضحالتهم ، وإستهانتهم بالناس الذين إنتخبوهم وأجلسوهم على هذه الكراسي . 
أقترح أن تصدر تعليمات واضحة ومُشددة ، من رئاسة مجلس النواب ، بمنع التحدث بالهواتف النقالة ، أثناء الجلسات ، ومُحاسبة المُخالفين بصورةٍ جدية .
* والأسوأ من المثال أعلاه .. هو حَمل كل عناصر القوى الأمنية ، من جيش وشرطة ، وبيشمركة .. حتى وهُم في الخطوط الأمامية من جبهات القتال .. لهواتفهم النّقالة .. وتحدث الكثير منهم ، مع عوائلهم وأصدقاءهم ، كُل نصف ساعة .. بل أنهم يُبّلغونهم " من غير نِيَةٍ سيئة في الغالب ، بل لِقلة وعيهم " ، بِكُل تحرُك وأوامِر جديدة تصدر لهم من قياداتهم .. فما ان يُؤمَر البيشمركة مثلاً ، بالتأهُب للهجوم أو الإنسحاب ، فأنه يتصِل فوراً ، بزوجته أو أخيه ، ويخبرهم بذلك ، إفتخاراً أو إستدراراً للعطف أو مُجّرَد ثَرثرة ! .
والطريف ، انا شخصياً شاهدتُ عشرات المّرات ، في التلفزيون ، حين يقوم المُراسل ، بإجراء لقاءات مع مجموعةٍ من البيشمركة ، في جبهات القتال .. فترى ثلاثة أو أربعة في الصف الخلفي ، وهُم يتكلمون من موبايلاتهم ، ويبتسمون ويُؤشرون بأياديهم ، لأهاليهم وأصدقاءهم ، نافخين صدورهم ، وكأني بهم يقولون : هذا أنا ! .
.............................
حين تُراجِع المُحافظة أو المحكمة في مُدن الأقليم ، فأن موظف الإستعلامات يأخذ منك هاتفك النَقال ، عابساً في العادة ، ويعطيك بطاقة ، ويرُجعه حين خروجك . يمنعكَ من إدخال موبايلك ، بلا أي مُسّوغٍ منطقي أو قانوني .
الأحرى .. أن يُمنَع إستخدام الموبايل ، من قِبَل النواب ، أثناء جلسات البرلمان ! .
الأحرى أكثر .. أن يُمنَع البيشمركة من حَمل الموبايلات معهم ، منعاً باتاً ، في جبهات القِتال !