ساعات قليلة مرت على اعلان التشكيلة الحكومة في جلسة مارثونية، شهدتها أروقة مجلس النواب، صاحب القرار الحاسم في إعطاء الضوء الأخضر لحكومة العبادي، لتبدأ هذه الحكومة في مسيرة تصحيح المسار وتطبيق البرنامج الوطني القائم على شراكة المكونات. اللافت للنظر هي عاصفة الغضب التي انطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، ومنابر الرأي واللقاءات الاجتماعية، تنتقد فيها شخصيات الكابينة الوزارية، وطريقة التقسيم لشخوص الوزراء في المناصب. الواقع الذي يجب أن ننتبه أليه وندركه، أن العراق ليس في وضع أمني وسياسي واقتصادي مستقر، ليسمح له بتشكيل حكومة تكنوقراط تخصصية، فالأزمة السياسية التي تحيط بنا هي أكبر وأوسع من أن يجد حلها رجل مهني متخصص فقط،"مع تقديرنا العالي لهذه الكفاءات" فوزاراتنا السيادية على سبيل المثال .. تحتاج الى منظومة علاقات سياسية محلية وأقليمية ودولية تستطيع إعادة جسور الثقة والدعم للعراق. المرحلة الحالية هي مرحلة تطبيق ما أتفق عليه في البرنامج الحكومي، ومن يستطيع أن يطبق هذا البرنامج هم رجال أصحاب قرار وثقل سياسي في المشهد العراقي، رجال يستطيعون أن يعبروا بالعراق الى ضفة السلام، ليدخل بعدها العراق مرحلة الحكومات المتخصصة، القادرة على أكمال مشروع التصحيح السياسي والاقتصادي والأمني. ما يحيط بالعراق يتطلب التعامل بفكر وتحليل قبل العاطفة والانفعال، وأن نحترم حكومة انبثقت من برلمان ديمقراطي منتخب، وأن لا ننجر وراء خطابات التسقيط للتجربة الديمقراطية، التي تحاول أن تسلب منا حقنا الدستوري. فالانتخابات هي أولى خطوات التغيير، وتشكيل الرئاسات والحكومة جزء مكمل للعملية، ومن يخلط أوراق الرأي العام ويقدم الوضع على أنه نهاية المشهد العراقي، عليه أن يراجع فكرة وعقيدته ويتقي الله في عراقه.
|