مر تركمان العراق بايام عصيبة في فترة النظام البائد بسبب الظلم والتهميش الذي كانوا يعيشونها طيلة فترة الحكم الدكتاتوري مايقارب أكثر من ٣٥ عاماً ، حيث تعرضوا الى شتى انواع الظلم وأبشعها بحق الانسانية من المجازر والمقابر الجماعية و تعرضوا الى القتل السياسي والتغيير الديمغرافي والهجرة القسرية في المناطق التي يقطنونها ذات الكثافة السكانية التركمانية في شمال وشرق العراق، وفضلا عن ذلك فقد منعوا من التكلم بلغتهم الام ( التركمانية ) وتعليمها في المدارس وايضا منعوا من ممارسة شعائرهم الثقافية والاجتماعية. لذلك عندما سقط النظام الفاشي استبشرنا خيراً نحن (كتركمان العراق) واعتبرنا انفسنا كقومية ثالثة في العراق حسب الدستور العراقي ولغتنا رسمية في المناطق التي نقطنها ونمارس حقوقنا بكل حرية تامة بعيداً عن التهميش والظلم؛ وتأملنا خيراً بأننا سوف نعيش الحياة الكريمة في وطننا العراق وننال كافة حقوقنا السياسية والاجتماعية والثقافية بعد ان كنا محرومين طيلة السنين العجاف من تاريخ العراق ! ولكن التاريخ يعيد نفسه اليوم لاجحاف حق هذا المكون الاصيل الذي ثبت على مر التاريخ انهم ملتزمون بالثوابت الوطنية وحبهم وارتباطهم بالعراق ، فضحوا بالمال والبنين من اجل الوطن ووحدته وكرامته . نعم ، بصمود أبنائهم في آمرلي وتضحياتهم في طوزخورماتو وبشير وتلعفر ووفائهم للعراق في كركوك وديالى وموصل اثبتوا للجميع انهم يمتلكون الروح الوطنية وواقفين امام اكبر مشروع تقسيمي لتفكيك وحدة العراق أرضا وشعباً وفضلا عن تصديهم ووقوفهم امام اكبر قوى ارهابية التي أرعبت العالم “داعش” وهو خير دليل على انهم حماة البلد والعقيدة ، وان جغرافيتهم اليوم من شمال العراق وشرقه شاهد على ذلك، فهم عنوان للوفاء والتضحية من اجل الوطن. وبعد كل هذه التضحيات والمواقف الوطنية نجد اننا اليوم خارج سرب العملية السياسية وحتى خارج اهتمام المجتمع الدولي، ياترى ماذا فعلنا؛ هل نحن من خططنا لتقسيم العراق بعد ان وضعنا يدنا بيد الدّول المعادية للعراق، ام نحن من دعمنا الارهاب والتنظيمات الداعشية لتخريب البلد وزعزعة أمنه الداخلي ، ام نحن وقفنا ضد المشروع الوطني لتفكيك العملية السياسية ، ام نحن قوم من أزلام النظام السابق !! المجتمع الدولي عندما اصدر مسودة قانون لحماية المكونات والأقليات العراقية في ١/أيلول/٢٠١٤ لم نجد اسم ” التركمان ” فيها ! والحكومة العراقية الجديدة أعلنت عن كابنتها الوزارية واذا بها ( حقيبة وزارية واحدة للتركمان ) مشكورة بها كتلة السيد هادي العامري والذي لم ينسى التركمان في اللحظة الاخيرة عندما قسموا الكعكة السياسية بين الكتل الكبرى، لكن مع ذلك هذا لا يتناسب مع حقوقنا السياسية كمكون، وخصوصا ان عدد نواب التركمان في مجلس النواب تسع شخصيات تركمانية من مختلف الكتل السياسية، في حين كان لنا في الحكومات السابقة حقوق لا تقف عن ثلاث حقائب وزارية مع مناصب بدرجة الوكيل والمدراء العامين في مختلف الوزارات ! نعم، لابد من الوقوف عند هذه النقاط المهمة والتي تعتبر تهميش سياسي واجتماعي واضح بحق المكون الثالث ، وهي استهانة واضحة بالدماء التي سفكت والأرواح التي ازهقت والأعراض التي انتهكت من اجل العراق في مناطقنا حيث لم تؤثر قيد انملة لدى الحكومة العراقية والمجتمع الدولي ! لذلك على المجتمع العراقي ان لا يقبل هذا الظلم والإجحاف والتهميش لهذا المكون الاصيل وهو من اكبر المكونات العراقية التي استهدفت في العراق بعد سقوط النظام ومورست بحقهم اكبر وأبشع العمليات الارهابية والسياسية من التطهير العرقي والمذهبي ومحو الهوية والتغير الديمغرافي وفضلا على تنفيذ العمليات الإجرامية وصفت بالابادة الجماعية للتركمان باعتراف من وزارة حقوق الانسان العراقي والمنظمات الانسانية الدولية والمحلية.
الى القادة السياسين التركمان ، لقد اخفقتم في تمثيل شعبكم منذ عام ٢٠٠٣ والى يومنا هذا؛ نتيجة اختلافاتكم الحزبية والفكرية والأيديولوجية السياسية قد دفعت ثمنه شعبكم الأبي اليوم بالعراق ، وان مصالحكم الشخصية والحزبية كانت اكبر وأعظم من مصالح شعبكم المظلوم. ونحن نعترف ان كل هذه المحن جاءت نتيجة عدم وجود خطاب سياسي تركماني موحد في العراق سببها الإرادات السياسية الخارجة عن سلطات احزابنا وَ قادتنا. وفعلا نجحتم في تقسيم المجتمع والبيت التركماني الى عدة مجاميع على اسس قومية ومذهبية وزرعتم الفتنة والبغضاء بين نفوس أبنائكم وشبابكم، لذلك لن نسكت عنها بعد اليوم. نحن شعب بأمس الحاجة للوحدة والوئام من اجل اخذ حقوقنا الضائعة وهويتنا المسلوبة وجغرافيتنا المغصوبة ولا يتحقق كل ذلك الا بوحدة الموقف والرأي . نعم هذه نكسة سياسية ونقطة سوداء في تاريخ التركمان ، وأحملكم كامل المسؤولية لكل دم سفك ولكل عرض انتهك ولكل ارض اغتصبت في مناطقنا سببها خلافاتكم السياسية ومجاملاتكم الماكرة فيما بينكم وبين الاخرين. وحسب المراقبون للوضع السياسي التركماني وتقيمهم، فان واقع سياسة التركمان في العراق يتجه نحو المجهول واحتماليه انقراضها في السنوات المقبلة مما يؤدي الى محو الهوية وتعرض التركمان في مناطقهم الى المزيد من القتل والتهجير نتيجة فقدان القرار السياسي التركماني الموحد بالعراق.
لذلك أخاطب المجتمع التركماني الواعي من المثقفين واصحاب الرأي العام والوجهاء والشباب الوقوف جنباً الى جنب وبيد وقلب واحد وترك جميع الخلافات السياسية والمذهبية الى جانب وفتح صفحة جديدة ، وذلك للسعي على تشكيل مؤسسة او مجلس او اي تجمع مستقل يكون إرادته وعزيمته نابعة من رحم المعاناة يستمد شرعيتها من المجتمع التركماني ويعمل على اعادة رسم السياسة التركمانية وخطتها الاستراتيجية من جديد مع اعادة النظر في الإخفاقات السياسية السابقة وأخذها بنظر الاعتبار والعمل على تصحيح مسارها في المستقبل. والسعي للعمل الجاد على رص الصفوف من خلال وحدة الكلمة والخطاب السياسي الموحد من اجل ايصال قضية التركمان للمجتمع العراقي والدولي من المنظور الوطني العراقي مستثمرين مواقفنا الانسانية والوطنية لشعبنا المظلوم بإرجاع حقوقنا المسلوبة وإعادة التركمان الى مكانته المرموقة في المجتمع، مستثمرين وزارتنا الجديدة لايصال مظلومية التركمان الى المجتمع الدولي وتثبيتها ضمن قضايا الإبادات الجماعية في البلدان باعتبار التركمان تعرضوا الى عمليات ابادة جماعية في جغرافيتهم على اساس عرقي ومذهبي من قبل الإرهابيين. ونحذر في الوقت نفسه اذا لم يتحقق هذا فنحن شباب التركمان سوف نطرح مشروعنا الإصلاحي السياسي للمجتمع بكل قوة وذلك بزج العروق الجديدة في جسد التركمان لينبض بالحياة ويتصف بالقوة والعزيمة لانقاذ التركمان في العراق ، مستندين الى شعارنا “في الوحدة قوة وفي التفرقة ضعف”.
|