وزارة الداخلية للدكتور الجلبي

نجح الدكتور حيدر العبادي في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة ضمن المهلة الدستورية المقررة, وعلى العكس من سلفه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي, الذي شكل حكومته بعد قرابة العام من إعلان نتائج الإنتخابات. غير إن كلا الحكومتين قدمتا ناقصتين. فقد خلت كلتا التشكيلتين من مرشحين لوزارتي الداخلية والدفاع. ووقد ظل هذا الفراغ وحتى انتهاء عمر الحكومة السابقة حيث احتفظ رئيس الوزراء السابق لنفسه بكلا المنصبين.

ولايبدو أن هذا السيناريو مرشح للتكرار في الحكومة الحالية, مع رفض جميع الكتل السياسية وبضمنها كتلة التحالف الوطني لبقائهما شاغرين, ومع تعهد رئيس الوزراء الجديد بتقديم مرشحين لهما خلال أسبوع واعتبارا من يوم الإثنين الماضي. غير ان التنافس يبدو على أشده حول من يتولى هاتين الحقيبتين المهمتين. فمع إتفاق الكتل السياسية على إعطاء وزارة الدفاع للمكون السني والداخلية للشيعي فيبدو أن القضية في طريقها للحل. غير ان الواقع يكذب ذلك!

فهناك اليوم ثلاثة عوامل أساسية تؤثر في عملية التعيين, اولهما التنافس الداخلي على المنصبين داخل كتلة التحالف الوطني الشيعي وكتلة تحالف القوى الوطنية السنية. فبالنسبة للتحالف الوطني, فإن زعيم منظمة بدر هادي العامري يصر على توليه منصب وزارة الداخلية . غير ان قوى التحالف الوطني الأخرى تبدو غير ميالة لذذلك , على خلفية فشله في إدارة وزارة النقل واتهامات له بالفساد تتعلق بمشروع ميناء الفاو الكبير الذي تشرف على تنفيذه شركة تابعة له ومسجلة باسم إبنه .

واما على صعيد القوى السنية فهي الأخرى تتأرجح بين تقديم أحد مرشحين وهما كل من خالد العبيدي واحمد الجبوري. غير ان هذه المعضلة لن تجد طريقها للحل حتى ولو اتفقت كلا الكتلتين على مرشحهما لكل منصب. فالعقبة الثانية تتمثل في قبول كل منهما لمرشح الآخر. إذ تشير آخر التسريبات لرفض التحالف الوطني لتعيين احمد الجبوري بمنصب وزير الدفاع, فيما رفض تحالف القوى الوطنية تعيين العامري وزيرا للداخلية.

هذا من ناحية , ومن ناحية أخر فإن قضية الترشيح لم تعد داخلية فحسب بل تخضع للتأثيرات الخارجية وخاصة مع تسرب أنباء عن تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في تعيين هوية المرشح الجديد للمنصب وإعلان رفضها لترشيح العامري. ولذا فإن المرشح يجب ان يحظى بدعم التحالف الذي ينتمي إليه أولا وبقبول التحالف الآخر له ثانيا وبضوء اخضر من امريكا ثالثا.

ويبدو ان الوحيد القادر على الفوز برضا هذه الأطراف الثلاثة هو الدكتور احمد الجلبي كوزير للداخلية. فهو يحظى بقبول داخل قوى التحالف الوطني فضلا عن كونه الشخصية الكبيرة الوحيدة في التحالف والتي لم تحظى بأي منصب في الحكومة. وهو يتمتع بكفاءة وشجاعة تؤهله لتولي هذا المنصب وهو الذي قارع النظام السابق من داخل العراق في الوقت الذي كان يعيش فيه معظم قادة المعارضة خارجه. كما انه يحتفظ بعلاقات طيبة مع امريكا ويتمتع بمقبولية من القوى السنية.