في لقائة بجريدة الشرق الاوسط، عدد الجمعة 12 ايلول الجاري، اكد الرئيس فؤاد معصوم بان منصبه كرئيس للجمهورية لا يحتاج لنائب ثالث، وانما نائب واحد فقط.
ولا ارى ان هنالك من يعترض على هذه الحقيقة، فمنصبه الذي حدده الدستور الى مجرد حضور باهت بلا اهمية تذكر في رسم السياسات العليا للبلد، لا يحتاج فعلا لثلاثة نواب.
ورغم انه برر وجود 3 نواب الى قانون اصدره البرلمان في العام 2011 لتمثيل الكتل الاكبر في هيئة الرئاسة، الا ان منصب الرئيس كان له على الدوام نائبان فقط، اذ سبق وان رشح السيد عادل عبد المهدي للمنصب، الا انه استقال تاركا السيدين خضير الخزاعي وطارق الهاشمي كنائبين للرئيس الطالباني. ورغم ان احدهما قد اقصي من المنصب بسبب ملاحقته بقضية ارهاب، ومرض الرئيس الطالباني الذي ابعده عن المنصب للسنتين الاخيرتين، الا ان دور رئاسة الجمهورية لم يتأثر، وكان عمل نائب واحد يقوم بكل اعمال الرئاسة كافيا للمهمة.
هذا يعني ان منصب النائب الثالث، الذي منح للسيد المالكي، لا يمثل حاجة ادارية، للعراق، ولا مردود عملي له، ولا تأثير له في ادارة البلد، سواء استمر ام الغي.
في خضم ولادة حكومة السيد العبادي الجديدة، دار حوار ساخن على اعلى المستويات حول نية "الترشيق" التي اقترحها رئيس الوزراء الجديد، وما يعني ذلك من الغاء بعض الوزارات، ودمج بعضها الاخر ببعض، كبديل لترهل حكومة المالكي. وكادت الوزارات الخدمية ان تكون ضحية هذه النظرة الضيقة، مما يعني الاضرار بالمواطن في بلد يعاني فيه من نقص الخدمات. في حين كان من الاجدر مناقشة الترهل في نيابات الرئاسات بدلا من الوزارات.
والترشيق الذي تحدثوا عنه كان ماليا بحتا، بهدف تخفيف العبء عن المصروفات وميزانية الحكومة، وهذه نظرة قاصرة هدفها امتصاص نقمة الشارع فقط، فالمرتبات التي تصرف على المناصب لا تقاس بالسرقات والفساد الذي يشكل الثقل الحقيقي على الميزانية.
الترشيق الذي كان يجب ان يتحدثوا عنه هو ترشيق القرار الحكومي، فوجود ثلاثة نواب لرئاسة الوزراء، ومثلهم لرئاسة الجمهورية يشكل عبئا على القرار السياسي، اكثر منه على الميزانية. فتضارب الاراء في مركز القرار يسبب الترهل الاداري، والبطئ باتخاذ القرارات المناسبة وتعطيل بعضها، لانه بمثابة توسيع لبؤرة الصراعات والتنافس السياسي داخل مركز القرار، من دون اي داع له. هذا في الوقت الذي يحتاج فيه العراق الى سرعة عمل في التصدي للمشاكل العاصفة به، والى تجاوز محنة مخلفات الحكومة السابقة، على الصعيد الامني على الاقل.
لم يشغل منصب النائب الثالث لرئيس الجمهورية في تاريخ العراق الا السيد نوري المالكي، وهو سعيد به بالتأكيد، كونه مفصل على المقاس.. فالرجل الذي وصل العراق في عهدة الى اسوأ حالة تمر عليه طوال تاريخه، منذ تأسيسه عام 1921 الى اليوم، لا يستطيع، وليس من الحكمة، ان يشغل اي منصب اخر سواه، النائب الذي لا ضرورة له، لمنصب لا صلاحيات له.
|