على الرغم من إن السيد العبادي ينتمي الى نفس الحزب الحاكم كما سلفه الحاج نوري المالكي ويحمل نفس أفكاره كونهما من مدرسة فكرية واحدة، الا انه الوحيد وعلى خلاف جميع الزعماء في العهد الجمهوري ومنهم الحاج طبعا ينحدر من أقدم مناطق مدينة بغداد. وقد تكون حالته هذه وأستفادته عكس غيره من أقامته الطويلة بالغرب هي السبب الاساسي في أتخاذه قرار منع الالقاب وتعليق صوره في الدوائر الرسمية وثكنات العسكر، بعد أن لم يكتفي سلفه بمجرد الالقاب الهمايونية بل زادها بأخرى تاريخية كمختار العصر حتى وصل الامر بزبانيته من دولة لاقانونه نية أستنساخه!! وبذلك يكونون مثالا اسوأ بكثير من نظائرهم البعثيين الذين لم تسعفهم افكارهم الشيطانية بأستنساخ مجرمهم.
على الرغم من أصدار العبادي القرار هذا والعمل به من لحظة أعلانه وهذا ما أراح الكثير من المواطنين الذين أعتبروه بادرة جيدة من لدنه بعد أن عاث المسؤولين السابقين بأعصابنا خرابا دون ان نرى طحينا لجعجعتهم بل رأينا رمادا تصاعد من إثر الانفجارات التي لا تزال تشكل جزءا من حياتنا، وبعد أن نسينا لأيام فقط "معالي الوزير" فخامة الرئيس" دولة رئيس الوزراء" عاد الينا المولع بالالقاب والفاشل دوما بكل سياساته الرعناء الحاج المالكي بنغمة " فخامة نائب الرئيس الاستاذ نوري المالكي" وذلك على قناته وقناة حزب الدعوة الحاكم "آفاق" بعد تصدر مانشيت خبري يقول " فخامة نائب رئيس الجمهورية الاستاذ نوري المالكي يلتقي رئيس الجمهورية فؤاد معصوم"!! ولم يكتفي تلفزيون "فخامته" باستخدام لقب منع رئيس الوزراء الذي هو اعلى منه منصبا أستخدامه عند مخاطبته، بل وصل وقاحة القائمين على القناة أو غبائهم أو الاثنين مجتمعين على مخاطبة السيد فؤاد معصوم دون ذكر لقبه العلمي الذي يفتقده الحجي وحتى دون ذكر كلمة السيد وهي التي يجب على قناة حزب الدعوة الحاكم الانتباه اليه، واذا كان منصب فؤاد معصوم شرفي "وهو كذلك" بنظر حزب الدعاة الحاكم مما لا يستوجب مخاطبتة بكلمة احترام فأن "الحاج ابو احمد" هو أقل منه درجة في منصبه هذا. وقد ذكرني حب الحجي للزعامة والالقاب بقصة طريفة من تراثنا الشعبي سأختصرها لطولها جهد الامكان، وهي تتحدث عن شخص يدعى "لاله شجر".
تقول الحكاية أن "لاله شجر" كان يحب أن يكون الامر الناهي بين أقرانه ومعارفه والمسؤولين منه لانه الافضل والاحسن ، فعندما كان طفلا صغيرا كان هو الذي يحدد شكل اللعبة التي سيلعبونها أن كانت كرة قدم أو "شنطرة وبلبل" او السباحة في الشط "كما السباحان صدام حسين في دجلة والمالكي في الفرات". وعندما اصبح شابا درس العلوم الفقهية ليصبح قاضيا في بغداد وكما يقول المثل "ما طار طير وارتفع الا كما طار وقع" عزل " القاضي لاله شجر" يوما من منصبه ولكي لا يقول الناس عنه بعد فقدانه عمله أنه " قاپ سز" أي عاطلا عن العمل، عمل معلما للصبيان الذين تركوا كتّابه نتيجة استمرار أعتقاده من انه الافضل والاحسن واليه يجب ان تنتهي قرارات الطلبة مع ألزام من ينادي من طلبته وحتى البعض من معارفه بلقب "القاضي" قبل أسمه . وبعد ترك الطلبة له قدّم على وظيفة جديدة ونتيجة قلّة فرص العمل لم يجد الا وظيفة "البريقچي" في جامع الاوزبكي ببغداد. فذهب "لاله شجر" الى سوق الشورجة وأشترى "درزنين" من الاباريق على حساب دائرة الاوقاف ثم جاء الى الجامع وصفّها أمامه على صفّين بنظام الزوج، وجلس أمامها بكل عظمة ووقار وكأنه ناپليون پونابرت أمام جيوشه وصار يلقي أوامره على الداخلين والخارجين من دورات المياه، قائلا لمستخدمي أباريقه ...
شيل هل البريق... خلي الفرغ هناك... لا ... هذا فارغ لا تخذه ... أخذ هذا... هذا بلبولته مكسوره... أخذ هذاك احسن ...
وفي يوم ما وقع "لاله شجر"في موقف لا يحسد عليه أمام أحد الاشخاص ما جعله يحترم نفسه ويبتعد عن التدخل في امور الاخرين، فمتى يشعر البعض أن عهدهم ولّى نتيجة فشلهم في أداء ما أوكل اليهم لسنوات عديدة وثمينة من عمر الوطن.
|