لضرورات الحفاظ على المصلحة الوطنية كما يزعم، يضطر المسؤول والسياسي والزعيم صاحب القاعدة الجماهيرية الواسعة الى الكذب بإطلاق تصريح ناري ينسجم مع منطلقاته العقائدية والفكرية، وتصريحات النواب المادة الرئيسة في وسائل الاعلام المحلية هي الاخرى تسير على منهج رؤساء كتلهم، ولطالما اسهمت في اتساع الخلاف بين الفرقاء وبددت الآمال في حسم الملفات الشائكة، وعطلت الانتقال الى مرحلة جديدة تتصف بالاستقرار الامني والسياسي، وفي اغلب الاحيان تضطر كتلة النائب صاحب التصريح الى اصدار بيان رسمي توضح فيه بان تصريحه لا يعبر عن موقفها، وانما عن رأيه الشخصي وفي الزمن الديمقراطي العراقي يحق لأي شخص التعبير عن وجهة نظره بطريقته الخاصة واسلوبه وهذا حق كفله الدستور. وسائل الاعلام المحلية المعتمدة في الحصول على معلوماتها من اعضاء مجلس النواب اسهمت الى حد كبير في شيوع ظاهرة "التهمبل" في الساحة السياسية العراقية، هي مفردة استخدمتها الاوساط الشعبية للاشارة الى المبالغة في كل شيء، فهي لدى السياسيين تعني المستقبل المشرق الوضاء وتجاوز الازمات، على الرغم من ان معظمهم استعان بالشياطين لاثارة المشاكل والازمات، بهدف تحقيق مكاسبه الشخصية، وحين يتحدث عن المصالح الوطنية، فانه قطعا وعلى الاحوط وجوبا "يهنبل بالبنط العريض" والعراق بفعل اضطراب اوضاعه على الصعد كافة اصبح بيئة مناسبة للكذب السياسي استنادا إلى الحق الدستوري في التعبير عن الرأي والمواقف من دون حسيب ورقيب. اخر تصريحات "التهمبل" صدرت من أعضاء في مجلس النواب رفضوا الاستعانة بالقوات الأجنبية لتطهير المدن العراقية من سيطرة داعش، ويعتقد هؤلاء النواب بان السيادة الوطنية ستخترق مجددا من قبل المحتل الأميركي، علما ان رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما تأثر هو الاخر بالتهمبل العراقي، وطيلة السنوات الماضية لم يصدر منه موقف جدي للقضاء على الارهاب، لاعتقاده بان جهود بلاده حققت الامن والاستقرار في المنطقة، وربما رجح من صدق تفاؤل اوباما بانه سيقوم بزيارة الى العراق، وقضاء اسبوع استجمام في طويريج والشوملي. المزاج الشعبي العراقي اليوم يميل الى دعم وتأييد التعاون والاتفاق مع اطراف خارجية لانقاذ العراق من "مصيبة" حلت على رؤوس الجميع، تتطلب تضافر جميع الجهود لمواجهة الارهاب في المنطقة والقضاء عليه عبر تجفيف مصادر تمويله، وإبرام اتفاقيات مع دول الجوار لملاحقة المطلوبين وتبادل المعلومات، ومقابل القلق الدولي والاقليمي من اتساع نشاط الجماعات الارهابية وتمدد دولة الخلافة، "يهمبل" السياسي ويعلن بان القوات العراقية قادرة على انجاز واجباتها من دون الاستعانة بطرف خارجي يهدف الى "تدنيس" السيادة الوطنية. مأساة تهجير المسيحيين والايزيديين والشبك والتركمان من مناطق سكناهم، وقتل اعداد كبيرة منهم لا تواجه باسلوب " نظرية التهمبل" العراقية، والحشد الدولي لمكافحة الارهاب لا يشكل خرقا للسيادة الوطنية، ولا يعني اقامة قواعد عسكرية أميركية في المدن العراقية، ونارك ولا جنة هلي.
|