تتيتم الدولة عندما تفقد شرعيتها المستمدة من الأمة، وتتيتم عندما يغيب القانون وتضمحل المؤسسات وتنهار السياقات، وتتيتم عندما تسود علاقات الإنفعال (لا التفاعل) القائم على أساس الهويات الفرعية والخصوصيات المحلية والنزعات الإثنية، وتتيتم عندما تنعدم حوامل الإقتصاد المرن والتعليم المتطور والتنمية المستدامة، وتتيتم عندما تبتلع حزبياً وتحتكر عرقياً وتجير طائفياً وتتشخصن دكتاتوريا،... وبعد، تتيتم عندما تفتقد المؤسسين النبلاء والأمناء الطهوريين لإدارة مرافقها بنزاهة وشرف ومسؤولية. يا مَن بيدهم فعل الدولة: الدولة كيان سيادي لأمة وطنية ذات اقيلم جغرافي محدد وسلطات حاكمة واعتراف دولي ناجز،.. ولكي تكون دولة ناجحة لا فاشلة عليها أن تكون امبراطورية قوانين ومملكة مؤسسات وهرم سياقات نافذة على الجميع دونما محاباة أو تمييز،.. عليها أن تكون معبرة بصدق عن الإرادة العامة للمواطنين وليس ارادة عرق أو طائفة أو نخبة أو رمز،.. فالدولة الناجحة هي حصيلة العلاقات التفاعلية القانونية للمواطنين المحتكمين للعلاقات العمودية التي يقرها القانون وتطبقه سلطات شرعية ناتجة عن الأمة ذاتها، هي دستور يمثل عقداً مجتمعياً سياسيا، هي مجموع سلطات تضامنية تكاملية تدير فعل الدولة، هي حريات ناجزة وحقوق مؤسسة مصانة، هي أحزاب وإعلام ومجتمع مدني تفاعلي،.. وهي بعد، كيان تنتجه حوامل الإقتصاد والسياسة والتعليم والتنمية في علاقات تفاعل وليس علاقات انفعال،.. ومالم تتوافر الدولة على هذه الإشتراطات التفاعلية في المعايير والسياسات والنخب فستبقى الدولة تعاني اليتم،.. ويا له من يُتم ضحيته الأمة ومستقبلها.
|