طهران "تفرس" السينما العراقية وباكورة عملها فيلم عراقي يحمل أهداف سياسية إيرانية

بغداد – لم تترك إيران شيئا في العراق المحتل أمريكيا وبريطانيا إلا وتدخلت فيه، فبات العراق تابعا لها سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وهي تحاول أن يكون العراق تابعا لها سينمائيا من خلال سعيها للإشراف على دور السينما وعرض أفلام إيرانية تروج لرؤيتها السياسية المغلفة دينيا وأنتاج أفلام سينمائية في العراق منحازة لها سياسيا.

وأعلنت دائرة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة العراقية، عن اتفاقها مع الجانب الإيراني على استثماره دارا أو اثنين من دور السينما العراقية بعد أن يعيد تأهيلها، مبينة أن الاتفاق يشتمل تقديم المساعدة للعراق لتمكينه من ترميم أفلامه السينمائية القديمة وتدريب ملاكاته على استعمال الأجهزة الحديثة.

وقال مدير السينما في دائرة السينما والمسرح، قاسم محمد سلمان، في بيان له إن "وفداً إيرانياً زار بغداد مؤخراً للإطلاع على عدد من دور العرض السينمائي في العاصمة لاستثمارها بعد إعادة تأهيلها".  

وأضاف سلمان، أنه "تم تحديد عدة دور عرض، منها سينما سمير اميس وأطلس والنصر فضلاً عن مسرح مكي عواد، (في منطقة السعدون وسط بغداد)"، مشيراً إلى أن "دائرة السينما والمسرح سترسل مطلع الاسبوع المقبل، تقريراً كاملاً إلى الجانب الإيراني عن هذه الدور ليتم اختيار دار أو اثنين منها تمهيداً للمباشرة بإعادة تأهيلها".

وكانت العاصمة بغداد تضم أكثر من أربعين داراً للسينما تحول أغلبها بعد سنة 2003، إلى مخازن تجارية وورش للعمل، بسبب تردي الأوضاع الأمنية وعزوف المواطنين عن ارتياد هذه الدور لأسباب عديدة، وهناك خمسة من تلك الدور ما تزال عاملة إلى اليوم، لكنها تركز على عرض الأفلام التي تجتذب الزبائن لاسيما من الشباب (تتضمن مشاهد ساخنة)، بحسب متابعين لواقع السينما في بغداد. وبدلا من ان تتولى الحكومة العراقية شؤونها الفنية والثقافية خاصة أن ميزانيتها العامة تتجاوز 120 مليار سنويا كما تقول حكومة المالكي، ولذا كان من المفترض ان لا تدع الشؤون الثقافية والفنية بيد دول اجنبية خصوصا وأن المالكي كثيرا مايزعم بان العراق لايسمح بتدخل الدول الأجنبية في شؤونه.

يذكر أن أمانة بغداد، أبدت في السابع من أيار الماضي عزمها لاستملاك العديد من دور السينما الأهلية من خلال شرائها من مالكيها ضمن خطتها لإعادة ترميم وإحياء شارع الرشيد، مؤكدة أن أغلب دور السينما في العاصمة أغلقت بسبب الظروف التي مر بها العراق خلال عقد التسعينيات من القرن المنصرم فضلاً عن الظروف الأمنية بعد أحتلال العراق 2003.

وتابع مدير السينما في دائرة السينما والمسرح، أن "الدائرة اتفقت مع الوفد الإيراني الذي زار بغداد أيضاً على إرسال الأفلام العراقية القديمة إلى إيران، على شكل مجموعات، لترميمها"، مبيناً أن "متخصصين من دائرة السينما والمسرح سيرافقون تلك الأفلام للتدريب هناك على استعمال الأجهزة الحديثة بهذا الشأن".

وأوضح سلمان، أن "هذا التعاون يتم مع الجانب الإيراني بموجب اتفاق وقعه الجانبان يتضمن فقرة خاصة بترميم الأفلام السينمائية القديمة من بين أمور أخرى عديدة". في حين تخوف مهتمون سينمائيون عراقيون من هذه الخطوة الإيراني التي تهدف إلى سرقة المكتبة السينمائية العراقية ومحو ذاكرة البلاد السينمائية بعد أن نجحت في محو واقعه السياسي وجعلته تابعا ومرتهنا لها.

وكانت وزارة الثقافة العراقية قد وقعت محضراً للتعاون المشترك في مجال السينما مع وزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية، على هامش مهرجان الجوار الدولي الذي أقامته دائرة السينما والمسرح في بغداد خلال كانون الأول من العام 2010، يشمل أوجه التعاون كافة بينهما بما يخدم مصالح البلدين في المجال السينمائي.

وضم المحضر عدة فقرات منها الإشراف تؤكد تحقيق "التكامل الثقافي والفني مع ايران"، بما في ذلك الإنتاج السينمائي بين البلدين، وإعادة بناء الصالات السينمائية، وتسهيل الاستثمار السينمائي على وفق القوانين والتشريعات المعمول بها لكلا البلدين، والدعم الفني في التصوير والصوت والترجمة والدوبلاج وبقية الأمور الفنية في مراحل إنتاج الفيلم وبعده، وتبادل الخبرات في صناعة الفيلم والخدع البصرية والكمبيوترية، وتسويق وتوزيع الأفلام في الطرفين وفي جميع أنحاء العالم، وتسهيل ودعم المحققين والكتاب ودعوة صناع الأفلام والحكام والنقاد والخبراء، وعرض أفلام الطرفين، وإنتاج وتوزيع البرامج التلفزيونية الخاصة التي تعرف سينما البلدين، وتبادل المعلومات والعلوم السينمائية والخبرات الأكاديمية، وتسهيل مهمة ومشاركة فناني وسينمائيي الطرفين في الإنتاج، ودعم وتسهيل الإجازات اللازمة لعقد اسبوع لعرض الأفلام الدينية والحسينية، ودعم الإنتاج الدعائي في الفضائيات والصحف لكلا البلدين.

وفي السياق يجري العمل لإنتاج فيلم سينمائي مشترك بين العراق وإيران بعنوان "الشياطين الحمر"، وذلك حسب اتفاقية التعاون الثقافي التي أبرمت بين الطرفين، وتقوم فكرة الفيلم على ما جرى من أحداث أثناء احتلال القوات البريطانية لمبنى المسرح في البصرة عام 2003.

وقال مدير قسم السينما في دائرة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة العراقية قاسم محمد سلمان إن فيلم "الشياطين الحمر" تدور قصته حول طفل عمره 12 عاما، يحب كرة القدم الإنجليزية ويشجع فريق مانشستر، ولوجود القوات الإنجليزية في البصرة بدأ هذا الطفل يتردد على معسكرها.

وتساءل فنانون سينمائيون عن علاقة ايران بهذا الفيلم هل هي علاقة تمويل مالي او مشاركة بالتمثيل، وهل تدور أحداث القصة في ايران او في البصرة الإيرانية، وهل تستغل ايران الفيلم للتعبير عن وجهات نظرها.

وتبدأ الأحداث تتصاعد عندما يجد طبيب من القوات البريطانية أن كلية الطفل مطابقة نسيجيا لأحد الضباط الموجودين الذي كان بحاجة إلى زرع كلية، وبعدها يحاول أخذ كلية الطفل، وسيتم تصوير الفيلم في العراق بين محافظات البصرة وبغداد والعمارة والنجف، إضافة إلى بريطانيا، ويتوقع محمد أن يستغرق تصويره وإنجازه قرابة ثمانية أشهر.

ويقوم بإخراج الفيلم رحيم الحسيني وينتجه السيد اليراني ، ويدير إنتاجه ساسان ساوان، وكلهم إيرانيون، وقد قابلوا بعض الممثلين العراقيين أثناء زيارتهم هذه الأيام العراق لاختيار الفنانين والفنانات الذين سيؤدون الأدوار الرئيسية والثانوية في الفيلم.