تغيير الحياة وحياة التغيير

 لاتجبروا اولادكم على اخلاقكم , فأنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم , انها مقولة مفهومة الغرض ضخمة المعنى , اذن فنتأمل تلكم المعاني , اولا من سنة الحياة الازلية ومزيتها الابدية (التغيير) وكما يقول اصحاب التفلسف (الشئ الوحيد الثابت في الحياة هو المتغير) فثمة عصور زمنية حجرية واخرى جليدية (تغيير جغرافي) وهنالك امبراطوريات تحولت الى مدن وقصبات ينخرها الضعف والهوان (تغيير تاريخي) , كان الادميون عمالقة باطوال فارعة وباعمار معمرة وبكفوف كالمطارق (تغيير خلقي) , كانت الشموس والاقمار والحيوانات والاصنام الهه (تغير ثقافي و ايدولوجي ) . كل الشؤون والاشياء في نماء سواء صوب الافضل او الاسوء , هذا عن ديدن الحياة واحوالها وتقلباتها التي يحدث الكثير منها خارج نطاق مسؤوليتنا وتدخلاتنا , اما عن الانسان - الذي يحسب نفسه جرم صغيرا وفيه انطوى العالم الاكبر كما يقول المعري – فقد يسعى وبسذاجة وغباء الى القفز على المسلمات و يحاول جاهدا تجميد العالم وارجاعه الى احقاب تاريخية خلت كان (المجد) عنوانها , واخر يقشعر بدنه عند ذكر لفظة التغيير خشية ان يهتز عرشه ويزول سلطانه وتتلاشى قدسيته التي صنعها لنفسه من تاويلات - ما انزل الله بها من سلطان – وعززديمومتها انصار بسطاء يستمرءون الطاعة والانقياد نتيجة تغذية عقولهم من الولادة حتى الممات على الخضوع والخنوع والرضوخ . ان اعداد البشر تقدر بسبعة مليارات , يقودوهم الفا تقريبا , واعتقد ان نصف الالف هم من اعداء شعار تغيير النمطية الراهنة لشكل الحياة الان التي يسودها التمايز الطبقي والاستئثار السلطوي والفقر المدقع والامراض الفتاكة والحروب العبثية . ان نصف الالف المتحكم بالعالم والانتهازي المحتال يضم فئات عدة , الاثرياء اولا الذين منحتهم الحياة موهبة استحصال الاموال بادنى قدر من المشقة والعناء , علما ان فكرة الاموال واعتمادها كعنصر اساسي من عناصر البقاء جرد مليارات البشر من طاقاتهم وسلبهم مقومات السعادة . فالدنمارك كانت مدركة لهذا الحال وهي الان قيد انجاز مشروع يحد من حالة التهافت المهلك على الاموال ويمنح الناس الفرصة لاكتشاف طاقاتهم الذاتية وتحريرهم من هموم البحث عن العمل لاجل العيش . وعودا الى الفئات الشريرة بعد الاثرياء اولئك الذين يمنحون الشرعية الى ممارسات ومناهج وسبل وافعال الاثرياء من ساسة ورجال دين وعلماء , فعن طريق السياسي يجري تسويق مفاهيم فضفاضة الى الناس لضمان انصياعهم واستلاب انسانيتهم وهدر طاقاتهم وامتصاص قدراتهم , ولرجال الدين (المنافقين) الدور الحاسم في احالة مشاعر البسطاء الملتهبة من جراء ظلم واضطهاد الحكام والاثرياء اياهم احالتها الى الصمت وتصوير هذا الصمت على انه صبر كون الصبر من صفات المؤمن النقي التقي عبر استخدام تاويلات نصية توجب التحمل وتفرض الايمان بالقضاء والقدر وتحرم التغيير ولاتجيز التحديث . ثلة اخرى على النقيض من ذلك ابتدعت دينا جديد , يقضي بالخروج على الحاكم المبدل ل (حكم الله) او بالاحرى حكمهم , فحزوا رقاب المحكومين , وسبوا النسوة وذبحوا الاطفال , وقطعوا اعناق المطالبين بالتغيير . وسنختم حديثنا عن العلماء (بعضهم) الذين غاب الشرف عن علمهم مرددين شعار السمع والطاعة للثري والسلطان ,لقد عشعش الذل في نفوسهم واضمحلت الرحمة من قلوبهم فباعوا ضمائرهم وعقولهم بابخس الاثمان , بات علمهم اداة للفتك بالانسانية فازروا السلطان على حساب الانسان . لكن كلما ساءت الاحوال تدنو الامال , وان لم يعول على الانسان في تغيير الحياة , فسياتي اليوم الذي تشدو فيه الحياة لحن تغيير الانسان رغم انف الانسان .