لا يزال الدور التركي في منطقة الشرق الاوسط .. يلفه الكثير من الغموض . ولا زالت الاذرع التركية تتغلغل داخل الاراضي العراقية وتزعزع الامن , وتعبث بحالة الاستقرار المستتب وتوجه المجاميع الارهابية التي تنطلق من ارضها .. الى حيث العراق , لغرض القتل والاجرام .
انها تركيا , التي رعت ومولت الارهاب , ودعمت كل المجاميع التي تخدم الاجندات الاسرائيلية , لتخلق حالة من الذعر تستطيع من خلاله نهب خيرات العراق من النفط , اعتمادا على سرقته من قبل داعش واعوانها من القتلة والماجورين , والمارقين. وتاتي لتشتريه بابخس الاثمان لتحصد ملايين الدولارات الحرام التي تصب في جيب اردوكان وشلته المارقة.
ولعل المطلع على شؤون العلاقات الدولية يلاحظ منذ زمن بعيد .. الاهتمام التركي الذي ألم بمنطقة الشرق الاوسط في العقد الاخير، وتحديداً بعد ان تسلم حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحكم في المؤسسات الدستورية الثلاث، وخاصة حينما استشعرت التململ الذي أصاب بعض الدول الاوروبية وترددها بالموافقة على ضم تركيا الى منظومة الاتحاد الاوروبي عبر التعجيز تارة ورفع سقف المطالب والحجج طوراً.
وبالرغم من أن تركيا تعتبر حليفاً استراتيجياً للغرب، يستعصي على اي مراقب عدم ملاحظة التبدل الذي أصاب المنطقة الشرق ـ أوسطية الذي فرض على شاغليها قائمة من الاولويات والمتغيرات في السياسة الخارجية. حيث كان الوجود التركي في المنطقة يستمد ركائز حضوره الدولي والاقليمي من علاقاته الوثيقة مع القوى الدولية الفاعلة خارج فضائه الجيوسياسي والجيواستراتيجي والحضاري. من جملة تلك المتغيرات، الاحتلال الاميركي للعراق في العام 2003 وما نتج عنه من توترات بين تركيا والولايات المتحدة، كذا التردد في قبول عضويتها في الاتحاد الاوروبي، إضافة الى تنامي النفوذ الايراني شرق أوسطياً وخاصة في سوريا، العراق، لبنان والاراضي الفلسطينية المحتلة (قطاع غزة) ما دفع بالجانب التركي الى إعادة دراسة سلم اولوياته الخارجية.
كما وان الجفاء الذي ساد بين تركيا والدول العربية من جهة أخرى، يعود تاريخياً الى العديد من المواقف التي اتخذتها الحكومات التركية المتعاقبة، ما زاد من حجم الهوّة الفاصلة بين المجتمعات العربية ونظيرتها التركية التي توجهت نحو الغرب المتقدم على أيدي الحركة الاتاتوركية بعد إلغاء المظاهر الاسلامية والعربية (كمنع الآذان واستبدال الحروب العربية باللاتينية)، أضف الى ذلك النزاعات الحدودية التي سلكت طريقها مع دول الجوار بعد تقسيم تركة الرجل المريض، بالاشارة الى لواء اسكندرون مع سوريا ولواء الموصل مع العراق، ناهيك عن التحالفات التركية مع الغرب التي هدفت الى وقف المد القومي العربي في مرحلة الخمسينيات وما تلاها، بمقابل دعم عربي كيدي لحركة العمال الكردستانية المعارضة في تركيا التي وصل في أوجها الى شفير المواجهة المباشرة مع سوريا في خريف العام 1998 بسبب إيواء المعارضين ودعمهم (عبدالله أوجلان ومناصريه).
ومن الاسباب المباشرة التي دفعت بالدول العربية الى حدود المقاطعة لتركيا فيما مضى، كانت علاقاتها المناوئة للموقف القومي العربي الرافض الاعتراف باسرائيل وإقامة العلاقات معها، بحيث ان تركيا كانت أول دولة اسلامية اعترفت بالدولة الاسرائيلية في العام 1948، باستعمالها لهذه الورقة كمطية لتأكيد الانسلاخ عن المحيط العربي والاسلامي والتي أسست لاحقاً الى تحالف عسكري ـ استراتيجي بين الطرفين، والذي ذخّر الجانب التركي بالمعدات العسكرية والوسائط التجسسية لمواجهة المعارضين ولتحديث قدراتها القتالية.
فبالاشارة الى الاسباب الآنفة الذكر، وبغض النظر عن دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي أم لا، خلق وصول الاسلام السياسي المتحضر الى سدة الحكم جو تبادلي في الاولويات التركية التي رسمت لنفسها ذاك الدور المحوري والاقليمي الفعال في منطقة الشرق الاوسط بمعزل عن أي وسيط أو رافعة، معتمدة في ذلك على مبدأي «التوازن والاعتدال» بحيث أقحمت تركيا نفسها في مجمل قضايا الشرق الاوسط والعالم العربي من خلال عمليات الوساطة في تسوية النزاعات والخلافات، ان كان برعايتها للمفاوضات الدائرة بين سوريا واسرائيل (بمراحلها الغير مباشرة والمباشرة) أو عبر إظهار استعداداتها لتبني وساطات مماثلة بين اسرائيل وكل من بيروت وفلسطين المحتلة، وكذلك تطوعها بالدخول على خط التهدئة والوساطة بين الغرب وايران لحل المسألة النووية الايرانية.
وقد عادت بجدية الى الساحة الافريقية حيث استضافت في الصيف الماضي أول قمة تركية ـ افريقية ضمت 53 رئيساً للدول والحكومات، بمشاركة أمين عام جامعة الدول العربية لمناقشة سبل
,واليوم , تلعب تركيا دورا مشبوها في المنطقة .. يتقاطع وتوجهات دول الجوار بالجنوح الى استقلالية قراراتها والابتعاد عن التدخل في الشؤون الداخلية لاي من الدول .. وقد كانت ولا زالت تركيا تمثل العين الامريكية والاوربية في منطقة الشرق الاوسط , وهي بعيدة كل البعد عن روح الانضباط الذي يقيد الدول باحترام جيرانها .. وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية , حفاظا على الروابط المتينة التي
اعتادت الدول ان تكون في سلم اولوياتها , وان تراعي حدود تدخلها بما لا يؤثر سلبا على اشقائها واصدقائها الذين تربطها واياهم روابط الجوار والدين الواحد والتاريخ المشترك .
ان ما تفعله تركيا اليوم .. من مؤامرات في وضح النهار , والعمل على ادخال القتلة والماجورين ليعيشوا في الارض فسادا , والتعاون مع فئة ضد فئة , وعقد الاجتماعات والمؤتمرات المشبوهة , واستضافة اعداء العراق والسماح لهم بحرية التنقل والتصريح بما يسيء لدولة العراق الجارة المستقلة , اشبه باعلان حرب .
اضافة الى جريمتها بسرقة النفط العراقي الذي سيطر عليه الارهابيون بمساعدتها .. وهي لا تخفي ذالك . وتلك جريمة على العالم اجمع ان يدينها ويعمل على ايقاف لعبتها ومحاسبة تركيا لتكون عبرة للاخرين [ الحرامية ] الذين لا يعترفون بالقانون الدولي وحتمية احترامه ., لتعيش الشعوب بامن وسلام بعيدة عن التجاوزات .. التي من شانها ان تعكر صفو العلاقات وتوترها وتزيد من الاحتقان.
|