تأتينا الحمى من أرجلنا
لا تتحاملوا على الحكومة التي لم ولن تضع الشخص المناسب في المكان المناسب إلا في مواقع محدودة ولمراحل مؤقتة، فالحكومة وإن كانت هي المقصرة، وهي المسؤولة المباشرة عن هذا الانهيار الإداري المريع، فهي لا تتحمل من تداعيات تخلفنا وتقهقرنا إلا بمقدار 10% بينما يضطلع أهلنا وأصدقاؤنا والمقربين مننا بنسبة 90% من مشاريع التشويه والحجب والإقصاء وبالاتجاه الذي يحرمنا من أبسط حقوقنا.
أنا شخصياً كنت ومازلت أتعرض لطعنات الذين دافعت عنهم في يوم من الأيام، ووقفت إلى جانبهم في السراء والضراء وضحيت من أجلهم. كنت دائما أحرص كل الحرص على تأدية واجباتي الوطنية والاجتماعية على الوجه الأكمل. وأتفانى من أجل الارتقاء بمجتمعنا نحو الأفضل. لكن أصحاب المواقف الزئبقية، من أقرب المقربين إلينا، لم ولن يتركوننا لشأننا، وربما تسببوا في حرماننا من أبسط استحقاقاتنا الوظيفية والأكاديمية. وها هم اليوم يلعبون اللعبة نفسها، ويكررون ما فعلوه بنا في غاراتهم السابقة.
لسنا مغالين إذا قلنا: أن ما نمر به اليوم هو نتيجة متوقعة لما جناه علينا أهلنا وأصدقائنا وتلاميذنا، من دون أن يعلموا أنهم جنوا على أنفسهم، لأنهم حرموا أنفسهم من فرص التقدم إلى الأمام.
المضحك المبكي أنهم يعودون إلينا دائماً بعد خراب البصرة، فنشفق عليهم ونمد لهم يد العون ليعيشوا من جديد في كنفنا وتحت رعايتنا، لكنهم سرعان ما ينقلبون علينا لأن جينات الحقد والكراهية ظلت مغروسة في نفوسهم الضعيفة.
يقولون: أن الحمى تأتي من الرجلين، فهل نستطيع الاستغناء عن أرجلنا ؟. نحن لسنا أنبياء حتى نتقي شرور هؤلاء، وربما كان الأنبياء أنفسهم، ومعهم جمع غفير من الأئمة والزعماء وكبار القادة، ربما كانوا من ضحايا هؤلاء الذين كانوا على شاكلة السامري، وبروتيوس، ويهودا الأسخريوطي، وعبد الرحمن بن ملجم، وشبث بن ربعي، ومن لف لفهم من الذين لقوا حتفهم في مزابل التاريخ.
ختاما أقولها وبحسرة: أن خراب مستقبلنا يعزا إلى المعاول المحيطة بنا، ويعزا إلى أصحاب النفوس المريضة التي لا تريد لنا الخير، ولا تريد السماح لنا بالانتقال خطوة واحدة نحو الأمام، رغم أنهم مازالوا يلوذون بنا كلما حاصرهم الطوفان، فنعود لانتشالهم من الضياع مرات ومرات حتى لو ضاع مستقبلنا كله. عسى أن يرحمهم الله ويرحمنا في يوم من الأيام.