اذ كانت الدولة العراقية دولة ذات سيادة، فان استيلاء الحكومة على الاراضي وتوزيعها مقابل اسعار رمزية على الوزراء والنواب والوكلاء والمدراء والسفراء ، هو اخلال بهذه السيادة وانتقاص منها وانتهاك سافر للحق العام وسرقة املاك الدولة. اي دولة تتكون من شعب وارض، لها سيادة وحكومة. اربع مكونات ان غاب احداهما، اختلت اركان الدولة وتضعضع كيانها وربما لم يعد لها وجود واقعي اللهم الا على الورق. وعلى ما يبدو ان دولة العراق لم تعد دولة الا على الورق، فسيادتها منتهكة، اذ ان الارهابيين يدخلون ويخرجون من اغلب بوابات حدودها، بينما تقصف الدول المجاورة اراضيها وتستولي على مساحات منها دون خشية ردة فعل، والحكومة لا تفهم لا بالحقوق ولا بالقانون ولا باصول وقواعد الادراة، فيلقب رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي بلقب دولت رئيس الوزراء فيصدق اللقب ويزيل كل الحدود الفاصلة بين الحكومة وبين الدولة، فيظهر بمظهر من يمتلك الارض والسماء والثروات ويوزعها على من يشاء ويحجبها عن من يشاء، بينما الطاقم الحاكم من وزراء ونواب وكبار المسئولين يخصون انفسهم باضخم الرواتب والمخصصات التي ليس لها نظير. وتنتقل الملكية من الشعب الى الوزراء والمؤسسات الحكومية، فاراضي تمتلكها امانة بغداد واخرى وزراة الدفاع واخرى وزارة التربية او وزارة النفط الخ، ولا يبقى للشعب الذي هو المالك الحقيقي الا الغبار. هذه الاراضي ليس ملك لوزارة ما، انما قد تكون هذه الوزارة او تلك مسؤلة عن ادارتها او الاستفادة منها لاغراض عامة، لكن لا يحق لها باي حال بيعها او اهدائها كما تفعل الوزارات العراقية الفاشلة. الدولة كيان ثابت لا يتغير، كيان ينتمي اليه الجميع، بينما الحكومة، موقته، محددة ما بين انتخابين، لا ينتمي اليها الا العدد القليل مثل الوزراء والمدراء والسفراء، وهؤلاء مجرد نعاثل سياسية ليس لهم قيمة كبيرة الا بالعنوان السياسي للوظيفة الآنية وليس بالعنوان الاكاديمي او التكنوقراطي الذي تفرضه الكفاءة. فكيف لهم، وخلال فترة حكمهم، ان يستولوا على قصور وبيوت النظام السابق وعلى الاراضي والبساتين والمنتجعات باسعار رمزية وينفقون المليارات على منتجعات راحتهم ومسراتهم ومفاسدهم. اذ ان العلاقة بين الدولة والحكومة هي علاقة الخادم بالبيت، حيث الحكومة هي الخادم، فهل يحق للخادم ان يستولى على اي قطعة اثاث او اي شبر من اراضي البيت، حتى وان كان هو المدير والمدبر لشؤون البيت، اذ ان بالامكان ان يطرد هذا الخادم ويؤجر خادم اخر هو اكثر منه كفاءة ودراية ونزاهة؟! ان الوزراء والنواب في العرف الديمقراطي خدم للشعب، منه يستمدون سلطتهم ومنه يكتسبون صلاحيتهم، فان شاء الشعب استغنى عن خدامتهم وان اسائوا وجبت محاسبتهم قضائيا. ان استيلاء الرئاسات الثلاث وكذلك الوزراء والمدراء وقادة الجيش والشرطة و الطاقم الحاكم على الاراضي، خاصة تلك الاراضي المميزة التي يمكن ان تخصص كمنتزهات ومرافق سياحية للصالح العام ، هو استيلاء غير مشروع، انه لا يختلف عن استيلاء صدام على كورنيش الاعظمية وتسجيله باسم زوجته ساجدة خير الله طلفاح. البيوت والقصور الضخمة التي يبنيها المسئولون والنواب في العراق او خارجه ، بينما الشعب ليس له الا الشكوى وبكاء معانته اليومية، لا تختلف من حيث رداءة الفعل عن قصور صدام حسين التي بناها عندما كان العراقيون يقتلون في الجبهات . هؤلاء الحكام الجدد يحصلون على ما لم يحصل عليه اي مسؤول في العالم من امتيازات بينما العراقيون يقتلون بالمفخخات وبالمياه الملوثة ومن الفقر. فاي فرق بينهم وبين النظام السابق؟ الفرق ان الخدعة قد اختلف هذه المرة، فهؤلاء يسرقون باسم الديمقراطية بينما صدام وعائلته يسرقون باسم ضرورة القائد. الوزراء والنواب واي من الذين غمطوا الشعب حقه واستولوا على اراضي او قصور او منتجعات ومزارع، ان لم يعيدوها، فيجب سوقهم الى ساحات القضاء بصفتهم محتالين ومخادعين استغلوا مراكزهم الوظيفية للحصول على منافع شخصية وهذا ما يعاقب عليه القانون.
|