الهجوم الإرهابي على الكاظمية؛ أمارة فشل الحكومة الراهنة


 

إن الهجوم الأرهابي على مدينة الكاظمية المقدسة هو أولى أمارات الإخفاق والفشل على الصعيد الأمني في حكومة حيدر العبادي... لا ريب أن سلسلة الإجراءت (الترضوية) التي قام بها حيدر العبادي لصالح الطائفة السنية على حساب الشيعة قد شجّعت المتطرفين والإرهابيين والخلايا النائمة المرتبطة بهم في بغداد وضواحيها على استغلال هذا التراخي الحكومي والضعف الأمني بالاعتداء على المدينة المقدسة وترويع أهلها وزائريها في ليلة مباركة دأب الشيعة على إحيائها منذ قرون مضت بزيارة البقاع المقدسة المحتضنة لمراقد الائمة الأطهار من آل بيت النبي صلوات الله عليهم ... وما لم يتدارك حيدر العبادي هذا الخلل الجسيم والاختراق الأمني الخطير، فالعراق مقبل لا محالة على حرب أهلية مدمرة يهلك فيها الحرث والنسل ويحترق الأخضر واليابس.
لقد أصبح من المحتم والضروري أن يضطلع بمهام وزارتي الدفاع والداخلية رجال أشداء يقومون بضرب الإرهاب بيد من حديد في سبيل وأد الفتنة وهي في مهدها، وأما وضعها في عهدة الضعفاء والمترددين فسيؤدي إلى تفاقم إشكالية (الإرهاب) وسيفضي في النهاية إلى أن يرزح العراق تحت وطأة الحرب الأهلية والطائفية والهرج والمرج... فقد والله اشرأبت أعناق من يريد بالعراق سوءا في الداخل والخارج للانقضاض على ما تبقى من مسمى (العراق).
إن السياسة البائسة التي لا تنظر إلى أبعد من مواضع أقدامها لا تدري أن هنالك مصلحة مشتركة تجمع الأرهاب الداخلي بالعدوان الخارجي، وهو الطمع بالسلطة أو بالثروة أو بكليهما، وأن هذه المصلحة المشتركة سوف لن تكون أبداً في صالح الشعب والشرفاء في حكومة الشعب (إن أمكن الحديث اليوم عن مصداق واقعي للشرف في حكومات العراق المتعاقبة بعد السقوط)... من هنا فلا أستبعد مطلقاً أن يتواطأ الطامعون قي الداخل والخارج (مهما بدت النوايا والاهداف متعارضة) على تحجيم دور السلطة التنفيذية وشلها ومن ثم فسح المجال لتمرير المخطط المعد سلفاً بتقسيم العراق وإعادة توزيع أو تدويل ثرواته، ولن يحصل ذلك من دون تضحيات هائلة في الأرواح والممتلكات، خاصة على حساب المكون الشيعي المستهدف باعتباره القاعدة الجماهيرية للسلطة التي يترأسها العبادي أو غيره بحسب الاستحقاق الدستوري.
في ظل هذا الظرف العصيب يجب على الحكومة أن تتحلى ببعد النظر والرؤية الاستراتيجية البعيدة المدى، وأن تسعى بكل قوة إلى إفشال هذا المخطط... وإن كنت أشك في قدرتها على مثل هذا الأمر الذي يتطلب حزم في الإرادة واستقلالية في القرار مصحوب بمشاعر وطنية حقيقية، فمصلحة العراق (طبقاً للاستقراء والتجربة) تأتي في ذيل قائمة المصالح الشخصية والفئوية للحكومة العراقية، والولاء للعراق أصبح مجرد دعوى أو دعاية لكسب تأييد الجماهير المتطلعة للأفضل والأحسن في ظل واقع مرير لم يزل يسير بالعراق وأهله من سيء إلى أسوء.