صدع رأسي من وجع السياسة، ومشاكل السياسة، وضجرتُ حد اللعنة من المطالبة بإطلاق سراح الموازنة، بعد أن طال حبسها في زنزانة الأطماع الفئوية، وقمقم الخلافات السياسية.. وتعبت كثيراً من زعيق الصارخين بشعارات الطائفية المقيتة في (ساحات العز والكرامة). كما جزعت من الحديث عن قدسية الحياة الإنسانية، ومناشدة المسؤولين في أجهزة الأمن بضرورة الحفاظ على أرواح الناس. ولعل الأدهى في القضية هو شعورك بعدم جدوى ماتقول وتكتب، لأنك ستسمع حتماً لو كنت قد ناديت حياً لكن للأسف لاحياة لمن تنادي بعد أن ملأت المرارة فمي وأفواه ملايين الناس الموجوعين بمرأى الدم العراقي الذي يسيل يوميا في كل مكان حيث باتت حياة الناس للأسف الشديد أرخص من (كَطف جكَارة)، بينما تضيع كتاباتك في اللا جدوى المعتم .. ومادام الأمر هكذا، فلا تجد خلاصاً لأوجاعك بغير كرة القدم، خصوصاً كرة القدم الحقيقية التي يلعبها اللاعبون الأوربيون واللاتينيون مثل فرق أسبانيا والبرازيل والأرجنتين وغيرهم. وليست الكرة التي يلعبها نادي عفج، او نادي الفحيحيل، أو نادي الصليبيخات. ويوم الثلاثاء الماضي كان لقاء القمة الذي جمع نادي البرشا الكاتلوني وريال مدريد الملكي، وكان لقاءً عاصفاً فاز فيه الريال بثلاثة أهداف.ورغم إني خرجت من المباراة حزيناً لأني وكما يعرف الكثيرمن أصحاي برشلوني للعظم ورغم أن التحكيم كان لايرتقي لمستوى التحكيم في أندية الفلوجة وأبو دشير إلاَّ أن المباراة كانت رائعة. إذ تمكن الريال من تعويض هزائمه ونكساته المستمرة بهذا الفوز الثمين. ولم ينته الأمر عند هذا الحد، إذ راح الأخوة من محبي الريال يطرقون على رؤوسنا بمطارق هذا الفوز، متناسين أن ثمة فرقاً بين الناديين يمتد لست عشرة نقطة، وهذا الفرق لايحصل عادة إلا بين ناديي مانجستر يونايتد ونسور الكسرة، أو نادي يوفنتوس ونادي طوزخرماتو، وليس بين ناديين بحجم البرشا والريال فالجماعة (مصخوها كلش) إذ ما ان تفتح صفحتك في الفيسبوك حتى ينهالون عليك برسائل مبتذلة لا تصلح للحوار السامي في الرياضة، وما أن تفتح تلفونك حتى تجد الرسائل المزعجة، اما الكتابات والتعليقات في مواقع الكرة، وصفحات الفيسبوك الأخرى فحدث بلا حرج .أنا شخصياً سعيد بهذه الضجة، وبهذه الردود المدوية للخسارة لأنها تدل على أن نادي برشلونة كبير بل وأكبر الكبار، لأن سقوط الحائط، او السور الصغير لايترك أثراً مدوياً مثلما يتركه سقوط جبل ما ! فكثير من الفرق الكبيرة كانت قد خسرت من قبل لكنها لم تترك أثراً مماثلاً، بل إعتبرها الجمهور أمر طبيعي جداً، فريال مدريد مثلاً خسرهذا الموسم ست مرات دون أن ينتبه لخسارته أحد، بينا إهتز الكون، وتزلزلت الأرض لخسارة البرشا، وإهتم العالم بهذا الحدث الخطير، فأربك الناس جميعاً بدءاً من الرئيس أوباما وإنتهاء بكاظمية أم السمج. فشكراً لخسارة البرشا التي جعلتنا نتأكد من أن الفريق الكاتلوني هوالأعظم، فالكبار كبار في فوزهم وخسارتهم، وإلا إعطوني فريقاً هز الكرة الأرضية بخسارته كما هزتها خسارة فرقة ميسي للفنون الكروية الإعجازية ..
|