خرائط لما بعد داعش

أميركا وحلفاؤها يتحدثون عن خطر داعش وكأنهم كانوا نائمين واستيقضوا توا ، قوات داعش عبرت الحدود العراقية ليلة الثامن والتاسع من حزيران الماضي، وهي ليست مجموعة صغيرة من الناس يمكنهم التخفي وراء تل او تحت شجرة بل كانوا جيشا جرارا بمقاتليه وآلياته وبرتل طويل ، قطعوا المسافة الصحراوية على جانبي الحدود وهي خاضعة على مدار الساعة لرقابة الاقمار الصناعية الامريكية التي تقدم معطياتها كل دقيقة ، القراءة الاولى لما جرى تدل بوضوح على ان عصابات داعش كانت مكلفة بدخول المحافظات السنية بمساعدة قادة متعاونين ، ثم التوجه الى بغداد لتنفيذ انقلاب يعيد البعثيين الى السلطة. وكان عزة الدوري وعدد من بقايا البعث ينتظرون لدخول بغداد واذاعة البيان رقم واحد ، والمجموعات السرية في العاصمة كانت تنتظر للقيام بدورها في العملية وفقا لسيناريو التنفيذ ، الا ان هذه الخطة انكشفت واجهضت فورا وافاقت القوات المسلحة من غفلتها واستعادت المبادرة ، ثم امسكت المرجعية العليا بزمام الامور وبدأ الحشد الشعبي يكتسح الساحة . التحليل الغربي يقول ان خطة الانقلاب الداعشي التي فشلت اعقبتها هيمنة المرجعية ومؤيدوها فتغيرت موازين القوة على الأرض ، وانتقلت عصابات داعش من الهجوم الى الدفاع ثم انتقلت اخيرا الى الانسحاب التدريجي . لذا اصبح التدخل الامريكي متوقعا ، ولكي لا ينتقدوا واشنطن لتفردها اشركت معها دول حليفة وأخرى تابعة في سيناريو اعادة رسم اللوحة السياسية في العراق تحت لافتة محاربة داعش ، الشيعة بجيشهم ومرجعيتهم مقبلون على نصر لا تريد اميركا ان ينهضوا به لوحدهم ، يجب ان تشاركهم النصر ولو رمزيا ، ثم يجب ان تعثر على طريقة جديدة لاستعادة السلطة من ايدي الشيعة بدل الانقلاب وهي تتمسك بمبررات اغلبها تبدو صحيحة ، يقولون ان سلطة الشيعة في العراق فاسدة سياسيا وماليا وفاشلة اداريا وتنمويا وتفتقر لقيادات جامعة قادرة على استيعاب الشعب بكل الوانه ، كان هذا تشخيصهم للامور في ظل الحكومة الماضية . لكن مبررههم للتدخل مازال قائما لان الحكومة الجديدة بقيت تدار بالوجوه نفسها ولم يحدث تغيير ، المعركة المقبلة مع اميركا هي معركة (اصدقاء) ، معركة دبلوماسية سياسية اعلامية ، معركة مواقف واستعراض قوة ، فيجب على ساسة العراق ان يقفوا موحدين لرفض التدخل الامريكي واعتباره احتلالا جديدا ، والاستغاثة بجميع القوى في العالم لمنع هذا التدخل .