في الوقت الذي يتعرض فيه العراق أرضاً وشعباً لهجمة شرسة من الداخل والخارج على يد الإرهاب التكفيري المجرم بدأ بعد الإطاحة بالنظام البعثي الفاشي الصدامي بشكل تصاعدي حتى إحتلال محافظة الموصل وأجزاء من الأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك من قبل مجموعات إرهابية تكفيرية مجرمة لا تقيم للأخلاق أي قيمة و لا الدين أو الشرع مـمـا ضاعف المشاكل وعمق الهوة بين شعبنا و عملت هذه المشاكل على تفتيت الوحدة العراقية ما بين شعبنا الواحد نتيجة إنتهاج سياسة لا تخدم في رسم طريق آمنة وواضحة للوصول الى بناء الثقة ورص الصفوف ونبذ الحزازات وإعطاء كل ذي حق حقه , كما لا يمكن السير بخطوات مدروسة وثابتة حتى يتم بناء مؤسسة قضائية مستقلة إستقلالاً تاماً , وتثبيت أسس القوانين بحيث يتم تطبيقها على الجميع بغض النظر عن إسمه وموقعه وعشيرته وحزبه وكتلته وحركته أو مذهبه أو قوميته , أي يجب أن يكون القانون فوق الجميع لا يفرق بين أبناء الشعب الواحد , نريد أن نكون " دولة قانون " إسـمـاً و فـعـلاً وليس إسمـاً وحـروف لا معنى لهـا ! هذا الكلام أقدمه الى الأخ الدكتور حيدر العبادي وهو يبدأ مسيرته كرئيس وزراء للعراق الواحد , لقد كتبت عن أوضاع العراق عشرات المقالات كما كنت أفعل منذ أكثر من 40 عاماً , أنتقد فيه الإعوجاج وأحاول أن أقول الشئ الصحيح الذي أراه من وجهة نظري إعتماداً على مطالعاتي السياسية وحياتي العملية , كما كتب الكثير من الكتّاب الوطنيين في شتّى المواضيع سواء السياسية أو الإقتصادية أو الأمنية أو الإجتماعية أو الدينية وكلها تصب في مجرى مصلحة شعبنا ووطننا لكي تستقر الأوضاع ويبدأ البناء بعد سقوط نظام إستبدادي عائلي ليأتي بعده نظام جديد المفروض أن يسير بطريق جديدة تصل بالوطن الى تحقيق أمنيات العيش السعيد والرغيد لأبناء شعبنا الذي عانى كثيراً ولكن " ما كل ما يتمنى المـرء يدركه" وقد إستبشرت خيراً وأنت تستهل نشاطك بعد التكليف بتأليف وزارة تكنوقراط و لكن مع الأسف لم تكن هكذا وإنما حشر كل حزب أو كتلة أو حركة عنصراً منهم ليكون وزيراً حتى و إن شغله أو "خبرته " لا تمت بصلة بمنصبه !!
وجاءت الوزارة خالية من وزير " سيادي " من البصرة الأم الرؤوم للعراقيين وصاحبة الضـرع الذي يصب في أفواه الجميع ! وهذا غبن مقصود وتهميش غير محمود لمحافظة مهمة أكثر من غيرها لكل العراقيين وكان الأحرى بك سيدي الكريم وأنت الرجل التكنوقراطي والذي قضيت ردحاً من عمرك في بلاد حضارية ديمقراطية متطورة , رأيت فيها الكثير من العمل والقليل من الهذر والهدر في الوقت لأنها كما تقول كل الأمثال إن الوقت له ثمنه ويعني المال وبما إن وطننا بحاجة الى عمل مستمر لرفع مستوى معيشة شعبنا ومـواكبة التطورات في عالم ملئ بالمخاطر والمطبات , لذا كان الأجدر بك أن يكون وزراء الدفاع والداخلية من أول الأشخاص المُعَيّنين في كابينتك الوزارية ولأن الوزارتين مهمة جداً فكان يجب أن يكون الوزير بعيد عن المذهبية والتطرف والمناطقية وعفيف اليد واللسان وكفء وخبير في مجال عمله , قوي الشخصية وقوي الشكيمة لا يعرف التردد والخوف ويجابه الأعداء بصدر مفتوح وقلب من حديد , فهل لا يوجد شخص بهذه الأوصاف أو بعضها ؟! خاصة في أوضاعنا المأساوية وإحتلال مجاميع الإرهاب التكفيري المتطرف المدعوم من رجال المقبور صدّام من الجيش الجمهوري والأمن الخاص والمخابرات وفلول البعث الساقط أخلاقياً , إحتلال مدن من عراقنا الحبيب والعبث بالمواطنين وقتلهم وتشريدهم وتهديد بقية المدن العراقية وإنتشارهم السريع والمريع في مدن " المحافظات البيضاء" إنتشار النار في الهشيم , لذا عليك دكتور العبادي أن تضع نصب عينيك كل الأخطاء التي وقع بها سلفك وزميلك في حزب الدعوة من أجل تصحيحها وتفادي الوقوع بمثلها , محاولة جمع كل العراقيين من أجل حماية الوطن , وأعجبني زيارتك للمصابين في تفجير الكاظمية الإرهابي وحديثك مع المصابين من مختلف الأعمار , مما أدخل الطمأنينة في قلوب شعبنا بأنك ستسير في مهمتك واضعاً مصالح شعبنا في المقدمة , كنت أتمنى أن تكون وزارتك أكثر رصانة وخبرة وكفاءة ووطنية .
*** بالصدفة شاهدت جلسة الخميس في مجلس النواب , كان الجميع يأتي ويجئ وكإنهم في نزهة ولم يكن إحترام الوقت أمـر مهم بالنسبة لهم , كان الكلام متشابه في أمـر واحد وحول " تقييم" عمل المجلس !! كان الأمـر لا يستوجب الإطالة ولكن كان " النواب" مصرين على التحدث من أجل الظهور على الشاشة ! ولكن ما يلفت النظر ويؤذي البصـر هو حضور 205 نائباً من 325 أو أكثر ! فأين البقية ؟ 120 " ناهباً" غائباً عن الجلسة وكإن الأمـر ليس بذي بال !! وكنت أتمنى إن العمل " النيابي " يتطور ويتحسن كلما طال بنا الطـريق نحو الديمقراطية ولكن كما يبدو الأعضاء غايتهم الوصول الى المجلس والحصول على المال الذي هو مبتغاهم , على شعبنا أن لا يسكت عن نهب أمواله وتبديدها دون أن يرى طحناً وعجيناً وخبـزاً .
*** 3 في 3 نواب رئيس الجمهورية الذي لا يطيقون بعضهم بعضاً ويموتون في بعضهم بغضاً عندما كانوا في مناصب " أخرى" كيف سيتعاونون من أجل مصلحة العراق خاصة وكل واحد منهم يبكي ويولول على ليلاه , وأثبتوا فشلهم سابقاً فهل نأمل منهم خيراً خاصة وإن مناصبهم " تشريفية" لرئيس تشريفي ؟!
نواب رئيس الوزراء , هم الآخرون لم يكونوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم عندما كانوا في مناصب " أخرى" فهل نأمل منهم عملاً أفضل وتضحية أكبر وتعاون مع رئيس الوزراء حتى تسير عجلة التطور والتقدم والبناء على أكمل وجه , لا أدري ولكن أيضاً لا نريد أن يكونوا مجرد " حشو" مكوناتي ومذهبي لا يجيب و لا يودي !
أما وزير الخارجية السيد إبراهيم الجعفري , فهذه طامة أخرى في طريق الدبلوماسية العراقية , فمن وزير خارجية كان موضع نقد طيلة فترة مكوثه على رأس " الدبلوماسية" العراقية فإذا بكم تأتون لنا بوزير لا يفقه ألف باء الدبلوماسية ولم يسمع بالعلوم السياسية حتى ! مهذار مكثار في علوم الجنة والنار و لا يدري ما يأتي في الأخبار في كل البلدان والأمصار , فعلام يا سيدي العبادي هذا الإصـرار في توزيـر من لا يكون وجهاً مضيئـاً للعـراق أمام الدول والأقطار ويعـرف التحدث بلغات ويعَبـّر بها في السالف والتالف من أمـور الوطن والشعـب وليس في أمـور الجنة والنار ؟!
|