في جلسة مجلس النواب الثلاثاء الماضي، التي خصص الجزء الاكبر من وقتها لمناقشة استكمال الكابينة الوزارية، خصوصا التصويت على الوزراء الامنيين، قدم العديد من النواب آراء لا يمكن الا الاتفاق معها، بغض النظر عن دوافعها، وتستحق هذه الآراء التوقف عندها، ومنها الاشارة السليمة الى عدم ترك الوزارات الامنية شاغرة لتدار وكالة. واقدر ان الدكتور حيدر العبادي ادرك ثقل المهمة الصعبة في ادارة مهمات عدة في وقت واحد: رئاسة الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، وزارة الدفاع، وزارة الداخلية ووزارات اخرى لا تزال شاغرة، اضافة الى العديد من المبادرات واللجان التي يترأسها، ولذا قال، مخاطبا النواب: لا تكلفوني بما لا طاقة لي عليه، والح على اقرار تسمية الوزيرين الامنيين المقترحين، ولكن ظهر ان للكتل السياسة المتحاصصة، خصوصا التحالف الذي يمثله السيد العبادي، حسابات وتقديرات اخرى، يبدو انها كانت من اسباب بقاء الوزارات الامنية شاغرة، طيلة الدورة الماضية. وفي الجلسة نفسها، وعند الاشارة الى الملف الامني، قيل انه سائر الى تدهور متواصل، ولا يقتصر الامر على ما يقوم به داعش الارهابي، وتسلطه على ما يقرب من ثلث مساحة العراق، بل هناك ايضا حالة الانفلات والفوضى وعدم التحكم والسيطرة على قوى معينة وجماعات مسلحة، استغلت الحالة الناشئة إثر سيطرة داعش على الموصل، لتقوم باعمال قتل وخطف ونهب وسطو مسلح وسيطرة على اراضي ودور عنوة وتحت تهديد السلاح، واجبار عوائل على ترك مساكنها والرحيل الى المجهول، وكل ذلك يجري امام انظار القوى الامنية العراقية بدون ان تحرك ساكنا وتتصدى لهذه الظاهرة المتفاقمة والحد منها. العبادي التزم بالموعد الذي اعلنه وقدم اسماء مرشحيه لملء الفراغات في الكابينة الجديدة، مشيرا الى ان من يقول ان بامكانه النهوض بكل تلك المهمات التي ذكرها، ليس واقعيا، وبعيد عن جادة الصواب، وحذر من ان عدم انجاز ذلك في الوقت المحدد، سوف يعقد الموضوع ويجعل المهمة اصعب في المستقبل، وذلك ما حصل في جلسة مجلس النواب الخميس الماضي، حين ارجيء امر استكمال الكابينة الوزارية الى وقت آخر مفتوح، لا احد يدري كم يطول! وبغض النظر عن الاسماء المقترحة ومدى ملائمتها للمناصب المرشحة لها، نسأل هل ان ما حصل هو المطلوب في هذا الوقت العصيب الذي يمر به البلد؟! وهل بهذه الطريقة تفعّل كل الادوات لمجابهة الارهاب؟ ام ان المصالح والتدافع على المناصب خلال سير مفاوضات تشكيل الحكومة الحالية، وهو ما ظهر جليا واكثر من اي وقت مضى، هو الفيصل والحاكم وله الاولوية وليحترق الوطن واهله!.
|