مظاهرات الانبار قد تكون حكومية !!

من المفترض ان يكون عنوان هذا المقال (من المستفيد ؟) , لكن لم ارغب بهذا لسبب مجهول , لعلنا سئمنا من العناوين الاستفهامية الدالة على المعاناة التي نعيشها بعد ان نحولها الى اسئلة محاولين تفكيكها للعثور على اجابات مقنعة تخرجنا من حيرتنا المزمنة .

ازمة الانبار اصبحت المادة الانتخابية لأطراف عديدة , لكن من يضمن صمود الوضع طويلا على حافة الهاوية دون الانزلاق الى القعر ؟؟ .. حينها لا تجدي الانتخابات ولا الكراسي نفعا الا لمن(جمع ماله وعدده وارسله واستثمره) . المتظاهرون رفعوا السقف كثيرا خشية ان تتحقق مطالبهم , وان تحققت سيرفعون اكثر او سيضعون سقفا اخر فوق هذا السقف المجنون , وعند الرفع سيخسر العراق شرفه بإباحة دماء ابناءه .

لم يستفد من هذه المظاهرات احد اكثر من الحكومة , يحاول المطالبين بحكم الوالي والباب العالي ارسال رسالة مفادها ان المالكي محق بسياساته ومن المؤكد انهم يدركون جيدا هذه النتيجة التي يصورها من يطالبون بعزله .

ماذا يعني ان يرتقي خطيبهم المنبر ويتفوه اما الحشود بكلماتٍ حاقدة تدعو لنسف الاكثرية وتخرجهم من دائرة الانسانية ؟؟ وما معنى ان يدعو اخر الى قطع رؤوس الطرف الاخر ويتبجح بهذه الافعال الشنيعة ؟؟ من الواضح جدا ان هذا الخطاب هو خطاب القاعدة الارهابي , لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو اين كان هذا الارهابي ؟؟ وهل افلت من العقاب بفضل بركات وزارة المصالحة الوطنية غير الواضحة المعالم التي مررت الكثير من هذه النماذج بحجج و دواعي غير مبررة .

ان تلك الخطابات , التي اقل ما توصف بانها طائفية محرضة على الاجرام والجريمة , لها معاني كثيرة وتعطي مؤشرات عديدة اهما الرسالة التي يوجهها هؤلاء الى الشعب بطائفتيه , المقصود منها ان ينساق الناس وراء هذه الخطابات بالسلب والايجاب .. ومن المؤكد ان يرفض المستهدف ويشجب هذا الخطاب ويتعاطف مع طرف الازمة المباشر من طائفتهِ , وهذه نتيجة طبيعية .

يهتفون بسلميتها ومن يقودها لا يؤمن بالسلم ويصرح جهار نهارا بضرورة قيام حرب طائفية تبدأ بالمفخخات وقطع الرؤوس , يدّعون مشروعية المطالب ويطالبون بتدمير بغداد ومن ثم احتلال قم , ولا ادري اي مشروعية تبقى بعد دعوات القتل والحروب !!! .

ان ما يجري يخدمهم ويضرنا كثيرا , ضريبة الدم هي الثمن الذي سيدفع ان استمروا بهذه الروحية الحاقدة , ولن يتأثر بها من يشعلها , بل عامة الناس وقودها .

بدأت الحملة الانتخابية ومن بداياتها يزداد الشك بأن ما يحصل مفتعل , الحكومة تعتمد في حملتها الانتخابية اعتمادا كليا على هذه الازمة , هناك شعور قوي بأن الموضوع مفبرك وان قادة التظاهرة يأتمرون بأوامر تصدر من بغداد , والا ما معنى الاصرار الكبير على ادراج هذه الازمة السياسية ببعدها الطائفي ضمن الحملة الانتخابية في مجالس المحافظات التي يفترض ان تكون مجالس خدمية ؟؟ ولماذا يصر المتظاهرون على الشعارات الطائفية واغلبهم لا يمثل توجها دينا ؟؟

البلدان لا تبنى بالصياح والعراك , بل بالعقول والضمائر المخلصة التي تمتلك مشروع ورؤية ثاقبة , قد يعتمد بعض الاطراف على سياسة الخطاب الناري في حملته الدعائية لتحشيد الناس تحت يافطة رفض الاخر والقوة, وقد يلاقي هذا الطرح رواج واسع وتلقي لدى العامة , لكن لا يمكن الاعتماد على هذا في ادارة الدولة وتسييرها وفق سياسة (حلبة الصراع ) , علما ان هذا الخطاب لا يوجد له تطبيق حقيقي على ارض الواقع بل نجد ان تلك الاطراف تتبنى نقيض ما تقول ومن الامثلة على هذا التنازلات الخفية التي تُقدّم في كل مرة , واستقطاب كبار البعثيين في بنية الدولة العراقية .