ساستُنا .. والجنّة الدنيوية !!!
الساسة الذين لا توحّدهم الويلات التي يعيشها العراقيون من قتلٍ وتفجيرٍ وتهجيرٍ , لا يهمهم حسم أمر ترشيح الأكفأ في وزيرتي الدفاع والداخلية ..البلد يمرّ بأكبر محنة , لعلّه لم يمر بمثلها في تاريخه العريق .. ومع ذلك , يتفاوضون , يتصارعون , يتخاصمون ,  بدمٍ باردٍ , داخل الأروقة الرسمية المحصنة بخصوص هاتين الوزارتين , فيتمادون بالتأجيل تلو التأجيل , وكأنهم يجلسون لمناقشة  مشروع إنشاء حديقةِ عامة  , لا ضرر من تأجيلِ البتّ فيها لشهر أو سنة , بينما يُسفكُ دم شعبهم في كل ساعة , وكأنهم إضاحي , يتبركون بها من أجل ديمومة مناصبهم ورواتبهم الخيالية وإمتيازاتهم الإخرى ..
هل تعلمون أيها الساسة , أن التأجيل في مسألة الوزارتين اللتين باتتا مشؤومتين ,لشهر أو إسبوع بل وحتى ليومٍ واحد , يعني المزيد من القتل والموت والمجاعة والتشريد والمحاصرة لشعب لا ذنب له سوى , أنه إنتخبكم لتخدموه فقلبتم المعادلة وبات الشعب هو الذي يخدمكم .. جعلتموه كبشَ فداءٍ لمصالحكم وولاءاتكم وڤِـللكم وقصوركم وسياراتكم المصفحة وأرصدتكم المالية .. تجتمعون في القاعات وتضعون أمامكم صحون الفاكهة اللذيذة وفيها ما لذ وطاب , من تفاح وبرتقال وموز , بينما الآلآف من شعبكم يتهدّده , الجوع والعطش والقتل , وكأني بكم , من وراء وضعكم لصحون الفاكهة أمامكم , هو لإثارة حفيظة مَنْ يعسر عليه إيجاد قرص الخبز ..
 نرى الكثير من قادة العالم المتقدم حين يجتمعون , لا يُوضع على طاولاتهم غير قنينة ماء بسيطة فضلاً عن بساطة الأثاث نفسه .. لا شأن لنا بكم ..ضعوا ما تريدون , حتى لو  رغبتم بوضع الجنة , جنّتكم الدنيوية ,على طاولاتكم , لا شأن لنا بكم , ولكن كفاكم أن تضعونا على الدوام , فوق براميل المتفجرات ومن فوقنا سكاكين الذبّاحين تنحرنا من الوريد الى الوريد , بينما براميل النفط , تذهب عوائدها , في الغالب , الى غير وجهتها الصحيحة  ..
عجّلوا .. عجّلوا ياساسة .. بأكل فاكهتكم , فموعد الإمساك قدْ حانَ .. ولم يحنْ  حسم وزارتي الداخلية والدفاع , لِمَ العجلة , فما زال لسفكِ دمِ شعبكم , مُتّسعٌ من الوقت !!!! .