من يعيد الأملاك المستولى عليها الى أصحابها ؟

الواحد منا يكتب في إستعراضه للسلبيات عن هذا و ذاك ، بل و يحاول إستكناه القادم و إستشفاف مراميه و أغراضه ، لكنه يعزف عن الإشارة الى قضية مهمة و مثيرة في آن ، هي قضية الأملاك التي أستولى عليها النظام السابق أو حتى التي استولى عليها ( أزلام ) هذا النظام عبر سطوتهم و نفوذهم من دون أن تدري به حتى الجهات النافذة في النظام السابق لأسباب و إستثناءات تتعلق بالعلاقات و المصالح بين هؤلاء ( الأزلام ) ، و الشواهد كثيرة إذا ما أردنا تعدادها ، بيد أننا نترك حقبة النظام الميت ، و نستطلع الحقبة السائدة ، أي النظام السائد و الحالي بغض النظر عن تعداد حكوماته و مكوناته الطائفية و التحاصصية في هذا الجانب ، خصوصا" و أن هذه الأملاك المستولى عليها منذ حقبة النظام السابق كما أسلفنا ، ما تزال رهن هذا الإستيلاء الذي هو من دون وجه حق أصلا" سابقا" و حاضرا" 0
هذا الإستيلاء مثلما يبدو راح في منحى تواصلي ، النظام السابق و ( أزلامه ) أستولوا على أملاك المعارضين و المهجرين بذريعة ( التبعية الإيرانية ) ، و كان من المفترض أن تعود هذه الأملاك الى أصحابها الشرعيين بعدما سقط أو تمت الإطاحة بنظام صدام أو النظام السابق .. سيان ، و هو أمر طبيعي أن يستعيد هؤلاء المالكون الشرعيون أملاكهم ، بعدما أنتفت ذريعة الإستيلاء بزوال النظام المتسبب في ذلك ، و هذا الأمر يُذكرني بالسنوات التي قضيتها في سجن ( أبو غريب ) أبان الثمانينات من القرن الفائت ، و كان معي الآلاف من الشباب العراقيين ذو ( التبعية الإيرانية ) ، و كذلك المئات من بلدة الدجيل ( نساءا" و رجالا" و أطفالا" ) ، و لكل هؤلاء حكاية مأساوية : فالأولون أدعى نظام صدام إحتجازهم خشية من إحتمال مشاركتهم الى جانب إيران في الحرب العراقية الإيرانية ، علما" أن 80% من الجيش العراقي الذي كان يحارب الجيش الإيراني ، هم من الشيعة الذين قدموا الكثير من التضحيات بل و كانوا وقودا" لهذه الحرب العبثية 0
و الآخرون أتهمهم النظام السابق ، بأنهم يقفون وراء محاولة إغتيال المجرم صدام حسين ، مع أن الذين يقفون وراء ذلك بضعة أفراد ، استطاعوا النجاة و الوصول الى ما وراء الحدود العراقية 0
المهم أمامي الكثير من النماذج في الموضوع الذي نحن بصدده و على سبيل المثال لا الحصر ، فالشرطي ( عنصر الأمن ) في عهد النظام السابق و حتى الإطاحة بالأخير ، أستولى على بيت لعراقي مهجّر في الكرخ ببغداد ( علاوي الحلة – الدوريين – خلف مستشفى الكرامة مباشرة ) ، و مايزال مستمرا" في هذا الإستيلاء ، حيث أن هذا الشرطي تعلق بجماعة أياد علاوي عندما أصبح رئيسا" للوزراء ، ومن خلال عملية الدمج أصبح عميدا" في وزارة الداخلية ، و من خلال رتبة الدمج هذه ، استولى هو و أبنه على شقة في شارع السعدون ببغداد تقع بالقرب من فندق بغداد ، ضمن بناية لم أتعرف على صاحبها الحقيقي ، لكنه بالتأكيد ليس مقيما" في العراق ، و لا أعرف أسباب غيابه أو هجرته أو هربه من العراق ! 0
عندما عاد مظفر النواب الى بغداد بعد منفى طويل ، صحبه أحد أصدقائه الى منطقة كرادة مريم ( المنطقة الخضراء ) في بغداد ، بهدف الإستدلال على بيت أو منزل عائلة النواب ، و قد تعرّف النواب على موقع منزلهم ، حيث أصبح جزءا" من حديقة و شارع ، فكان عزاؤه هذا الحال ، وكان في ذلك الوقت أمتنعت حكومة المالكي عن صرف و إحتساب له الراتب التقاعدي على الأقل ، فما بالك أن تقوم بتعويضه عن المنزل ؟ ! ، علما" ان الزعيم الكردي مسعود البارزاني سارع الى إحتساب له راتب تقاعدي ، و هي دلالة سياسية ذكية من البارزاني حيال عقم و تفاهة و غباء الفريق الإستشاري المحيط بالمالكي ، و على رأسهم القصاب في الكويت ( كاطع شرهان نجيمان ) و المعروف زورا" و بهتانا" في سنوات المعارضة السابقة بكنية ( أبو مجاهد ) ، علما" أن هذا الدجال أصبح من أصحاب المليارديرات بين ليلة و ضحاها ، و هو الذي حصل على ( اللجوء الإنساني ) في إستراليا بشق الأنفس ! 0
النموذج الآنف جعلني أواكب متابعة نموذج ساخن يستحق الذكر و الإشارة إليه ، عندما أستدعى نوري المالكي على أثر خسارته معركة ( الولاية الثالثة ) في الفترة الأخيرة النائب السابق و المفكر الموسوعي حسن العلوي ، وراح المالكي ( يعاتب ) العلوي ، من أنه كان بعيدا" عنهم في أربيل ، و مع ذلك فإن ( أبو أسراء ) لم ينس في معرض حديثه ، جهود العلوي إعلاميا" و سياسيا" و تأليفا" للكتب خلال سنوات المعارضة العراقية السابقة ، و تعهد للعلوي بمنحه منصبا" حتى لو كان شرفيا" ، و هو في مرحلة توديع منصبه 0
حسن العلوي لم يطلب منصبا" من المالكي ، خصوصا" و أن الأخير أستلم منصبا" شرفيا" في حكومة العبادي ( نائب رئيس الجمهورية ) ، و إنما قال له : إعيدوا لي منزلي في ( المنطقة الخضراء ) الذي أستولى عليه النظام السابق ، و أستمر الإستيلاء عليه من قبلكم في النظام السائد ، و قد عجزت عن إستعادته و أنا في النيابة ، و لم أطالبكم بحقي في التقاعد و الفصل السياسي و جوانب أخرى ، تتعلق بحقوق أسرتي الوظيفية و السياسية المستحقة 0
المالكي خلال هذا اللقاء ، تعهد للعلوي بأن حقوقه المستحقة سينالها خلال أيام قصار ، و لا سيما منزله في المنطقة الخضراء ( كرادة مريم ) ، الأمر الذي جعل العلوي يقوم بنقل أثاثه و حاجياته المنزلية من أربيل الى ( منزله الموعود ) في الكرادة مريم ( المنطقة الخضراء ) ببغداد ، لكن هذه الآثاث و الحاجيات مُنعت من الوصول الى وجهتها ، لأن بيت حسن العلوي أستولى عليه خضير الخزاعي ، و جعله سكنا" و إقامة لأفراد حمايته الشخصية 0
و عندما أتصل العلوي بالمالكي هاتفيا" لهذا السبب ، أبدى المالكي ( إستغرابه ) من عدم تنفيذ أوامره ، حتى أنه وعد العلوي بمعالجة هذا الأمر على وجه السرعة 0
و حتى كتابة هذه السطور ، لم تُنفذ ( أوامر ) و وعود المالكي ، الأمر الذي جعل العلوي يعود الى منفاه في قبرص مرة أخرى ، و لسان حاله يستعيد المثل الشعبي الدارج : ( لا ردنه أبو عليوي و لا بيّنت مسحاته )