إرنست هرتزفيلد مُكتشف حضارة سامراء!!

أرنست هرتزفيلد عالم آثار ألماني (تموز\3\1879 – كانون الثاني\20\1948) , درس العمارة في ميونخ وبرلين , وأخذ دروسا عن الآشوريين والتأريخ القديم ,  وهو أول أستاذ بآثار الشرق الأوسط في العالم , وذلك في جامعة برلين عام 1920.

وفي الفترة (1911 – 1913) أجرى أول تنقيبات في مدينة سامراء , وقد ترك (30000) وثيقة وصورة ورسم ومدونة عن حفريات سامراء وآثارها , وما إكتشفه فيها من حضارة إنسانية غائرة في أعماق التأريخ, تعززها اللقى والتحف التي عثر عليها. 

وهذه الآثار القيمة محفوظة في برلين وبريطانيا وفرنسا والمتاحف التالية في أمريكا:

(Freer Gallery of Art, Arthur M. Sacker Gallery, Smithsonian Institution in Washington, DC)

 

هذا الرجل الذي جاء إلى سامراء من برلين في بداية العقد الثاني من القرن العشرين , وعسكر بين آثار بني العباس في زمنٍ كانت المدينة مسوّرة , ولا يبيت خارج أسوارها أحد إلا وأصابه مكروه.

فأية شجاعة هذه , ومغامرة ومخاطرة وإصرار على إظهار حضارة سامراء , وتنوير الدنيا وإعلامها بأن الحضارة الإنسانية قد إنبثقت منها.

 

حيث برهن بتنقيباته في (باب الناصرية) , (تل الصوان) , أن سامراء مدينة حضارية قديمة  , وأول مدينة أسست لأنظمة الإرواء في الدنيا , حيث إبتكرت نظام إروائي متقدم , وسكنها الآلاف من الناس , وأوجدوا أنظمة لحياتهم كمجتمع , وذلك قبل أكثر من (6000) سنة قبل الميلاد, ودلل بما عثر عليها من لقى أثرية تعود إلى الألف السادس قبل الميلاد , كتمثال الأنثى المشهور.

كما أكد أن المدينة قد إشتهرت بالصناعات الفخارية والزجاجية , وكانت منتوجاتها هي الأجود والأرقى , وسائدة ولا تُظاهى.

كما أن الأشكال الهندسية المرسومة على الأواني والمصنوعات تشير إلى تقدم في الذوق والفنية والجمالية , وهذا يعني أن المجتمع كان متطورا ومتفاعلا في منظومة إجتماعية ذات معاني وقيم حضارية واضحة.

 

وحضارة سامراء هي ثاني حضارات الدنيا بعد حضارة (جرمو) جنوب شرق كركوك , ومنها إنطلقت حضارة (عبيد) , وبعدها بدأت الحضارات المعروفة (السومرية والأكدية والبابلية والآشورية) , ولهذا كان العالم أرنست هرتزفيلد يرى أن سامراء كانت مركز العالم , أو هي مركز العالم الحضاري وينبوع إنطلاق التقدم والرقاء الإنساني على جميع المستويات , فمن رحمها ولدت الحضارات الأخرى التالية لها.

 

والعالم أرنست هرتزفيلد هو الذي كشف قصور بني العباس , وقدمها للدنيا , بما جمعه من أدلة تشير إلى هندستها ومواقعها , وعمرانها ورسمَ خرائطها , ودون مشاهداته بدقة وحِرفية ومهنية عالية.

وبفضله صار للمدينة قاعات في متاحف الدنيا في برلين وبريطانيا وأمريكا وفرنسا وغيرها من متاحف ومراكز الفن والآثار في العالم , أي أنه هو الذي عرّفنا بحضارتنا وتأريخنا , وكشف النقاب عن الكنوز الحضارية الكامنة في مدينة سامراء.

 

تحية للعالم أرنست هرتزفيلد , وتقديرا لإضافاته المعرفية الإنسانية , فهو يستحق أن يُقام له تمثال في مدينة سامراء , إعترافا بجهوده وتثمينا لما قام به من عمل أصيل , وضع مدينة سامراء في مقدمة المدن التأريخية الحضارية , وجعل العديد من مراكز البحوث الحضارية تهتم بها أيما إهتمام , وتتسابق على إحتضان آثارها متاحف الدنيا الكبرى.

 

فهل سنعرف قيمة سامراء الحضارية ؟!!