لاقيمة للكفاءة بدون الإخلاص |
وحده الإخلاص الذي لايُهب ولايُعطى ولايُزوّر... ولايُحصل عليه كما يُحصل على بعض الشهادات العلمية بالتزوير والرشوة لتُضفي على صاحبها هالةً مزيفة من الألقاب ويُلحق بركب الكفاءات ... أو كمناصب ورتب الدمج التي يهبها وليُّ الأمر لأتباعه وأنصاره كيفما شاء ولمن يشاء... كل ذلك ممكن أن يكون وينطلي على الآخرين لأنه يعبر عن الحالة الخارجية للشخصية .... ولكن هذا لايمكن مع الإخلاص لأنه يرتبط بالحالة الداخلية للشخصية وبنقاء الضمير وحسن التربية وصدق العقيدة ......فالشخص المخلص لربه ووطنه ومبادئه لايُخشى منه على أمر إذا ماأؤتمن عليه ...لذلك أمرالسيد الخميني مستشاريه في بداية إنتصار الثورة الإيرانية وتشكيل الحكومة الأسلامية بالبحث عن المخلصين قبل الكفاءة وقال ..اننا نحتاج للمخلصين في هذه المرحلة...وهو أمرٌ سديد ودقيق في تلك الفترة الزمنية أن يعتمد الإخلاص قبل الكفاءة خصوصا في بداية التأسيس وخوض الحرب... وإذا إجتمعتا في شخص واحد فذلك أولى أن يولّى المنصب... لأن الإخلاص في العمل أي عمل ديني أوطني هو الضمانة لصون الأمانة ...وهذا الذي نفتقده للأسف في وطننا منذ سقوط النظام وإلى الآن...لأنهم بدأوا بالبحث عن العناوين العلمية والكفاءات دون التثبت من سيرتهم ومدى نزاهتهم وإخلاصهم لوطنهم وشعبهم إعتمادا على تزكية احزابهم لهم ..حتى وقعنا في مصائدهم ..والشعب العراقي هو الذي دفع الثمن..فالذين سرقونا ودعموا الإرهاب على حساب دماءنا أغلبهم من اصحاب الكفاءات ...أحدهم دكتوراه بالهندسة الكهربائية وزيرا للكهرباء والآخر دكتوراه كيمياء حيوية وزيرا للتجارة والآخر دكتوراه في التقوى والتسبيح ويتعامل مع الإرهابيين وغيرهم الكثير ...وهذا لايعني عدم وجود كفاءات عراقية مخلصة في الوسط العراقي ... ولكن توجد شحّة فيهم داخل الدوائر الحزبية والكتل السياسية...وهم لم يعطوا فرصة للمخلصين من خارج مساحاتهم الحزبية...ولهذا السبب نعيش حالة من التدهور الأمني والخدمي ...على مستوى الأمن والدفاع قد أخطأ السيد المالكي باختيار بعض القادة العسكريين والأمنيين والذي جاء خياره على أساس ماتحمله اكتافهم من رتب دون التحقق مما تحمله ضمائرهم لهذا الوطن ...وأن بعضهم مع كثرة نجومه واوسمته ودوراته خارج وداخل العراق إلاّ إنه لم يُثبت في ساحة المعركة وفشل ان يحمي جنوده فضلا عن الآخرين ...ليس لعدم كفاءته ولكن لعدم إخلاصه الى وطنه وشعبه ومبادءه العسكرية ... فحصل ماحصل من إحتلال للمدن العراقية وقتل وحشي لآلاف العسكريين والمدنيين بعد الهروب الجماعي من ساحة المعركة...ومن المفارقات الغريبة والعجيبة في عالم العسكرية هو أن العصابات الإرهابية هي التي تحاصر الجيش وليس الجيش صاحب الأرض والسلاح والإنضباط هو الذي يحاصرها !!! وكل هذا بسبب تخاذل القادة العسكريين الذين وضعهم الحاكم في غير مواقعهم ... هؤلاء لو كانوا مخلصين لما فارقوا جنودهم ولما فرّوا وتركوا ارض المعركة وسلموا جنودهم وسلاحهم لعدو تافه . فعلام نلوم الجنود وأصحاب الرتب الصغيرة بعد فرار قادتهم إذا فقدوا السيطرة وأخفقوا بإتخاذ القرار السليم ..؟والحمد لله أن تدخّلت المرجعية الدينية العليا وأعادت الثقة للجنود والضباط وأعادوا تشكيل وحداتهم...ثم تشكلت الحكومة العراقية أخيرا وكنّا نأمل أن تكون حكومة تعتمد الإخلاص والكفاءة معاً لمواجهة الخطر الكبير الذي يداهم العراق ..وكنّا نأمل أن أول وزيرين يتم تعيينهما هما الدفاع والداخلية ...ولشدة الأوضاع الحرجة كنّا نتوقع أيضاً أن يكونا من الكفاءات المشهود لها بالإخلاص ومن الشخصيات المستقلة ..إلا إن الإرادات الحزبية حالت دون تحقيق ذلك وعبثت بخصوصية هاتين الوزارتين وأخضعتهما للمزايدات الحزبية والطائفية ! لم نتوقع هذه اللامبالاة وعدم الإهتمام من قبل المتصارعين على المناصب أن تصل بهم الحال الى الإكتفاء بالتنديد والإستنكار وإنتظار دول أجنبية تخلصهم من داعش وغيرها من الإرهابيين ! وبلدنا أصبح بلد الكوارث والمذابح على قبلة الشيطان وبيد الحاقدين المجرمين ..ترى بعد هذه الجرائم ..مالذي يثير فيهم الحمية ؟ حتى يثوروا ثورة حقيقية ضد المصالح الحزبية الضيقة أولا ثم مقاتلة العدو ثانيا ...وبدون الإنتصار على الأولى لم ينتصروا على الثانية .
|